كان منادي رسول الله - ﷺ - إذا نادى بالصلاة فقام المسلمون إلى الصلاة.. قالت اليهود والنصارى: قد قاموا لا قاموا، فإذا رأوهم ركعوا وسجدرا، استهزأوا بهم وضحكوا منهم، فنزلت، هذه الآية.
وأخرج ابن (١) إسحاق وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ، عن ابن عباس رضي الله عنه قال: أتى النبي - ﷺ - نفر عن اليهود فسألوه عمن يؤمن به من الرسل؟ فقال: "أومن باللهِ وما أنزل على إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط، وما أوتي موسى وعيسى، وما أوتي النبيون من ربهم، لا نفرق بين أحد منهم ونحن له مسلمون"، فلمَّا ذكر عيسى.. جحدوا نبوته وقالوا: لا نؤمن بعيسى، ولا نؤمن بمن آمن به، فأنزل الله فيهم: ﴿قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ هَلْ تَنْقِمُونَ مِنَّا﴾ إلى قوله: ﴿فَاسِقُونَ﴾.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله: ﴿وَإِذَا جَاءُوكُمْ قَالُوا آمَنَّا﴾ الآية. قال: أناس عن ليهود كانوا يدخلون على النبي - ﷺ - فيخبرونه أنهم مؤمنون راضون بالذي جاءهم به وهم متمسكون بضلالتهم وبالكفر، فكانوا يدخلون بذلك، ويخرجون به من عند رسول الله - ﷺ -.
التفسير وأوجه القراءة
٥١ - ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا﴾ وصدقوا بما جاء به محمد - ﷺ - ﴿لَا تَتَّخِذُوا﴾ وتجعلوا ﴿الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى﴾ وغيرهم من سائر الكفار ﴿أَوْلِيَاءَ﴾؛ أي: أصدقاء وأنصارًا وأعوانًا على أهل الإيمان بالله ورسوله؛ أي: لا يتخذ أحد منكم أحدًا منهم وليًّا.
قال ابن جرير (٢): إن الله تعالى نهى المؤمنين جميعًا أن يتخذوا اليهود والنصارى أنصارًا وحلفاء على أهل الإيمان بالله ورسوله وأخبر أن من اتخذهم نصيرًا أو حليفًا ووليًّا من دون الله ورسوله.. فهو منهم في التحزب على الله

(١) الشوكاني.
(٢) الطبري.


الصفحة التالية
Icon