الدخان
٤ ﴿
{بسم الله الرحمن الرحيم﴾
﴿حم﴾ ﴿والكتاب المبين﴾ الكلامُ فيهِ كالذي سلفَ في السورةِ السابقةِ
﴿إِنَّا أنزلناه﴾ أي الكتابَ المبينَ الذي هُو القُرآنُ ﴿فِى لَيْلَةٍ مباركة﴾ هيَ ليلةُ القدرِ وقيلَ ليلةُ البراءةِ ابتدىءَ فيها إنزالُه أو أنزل فيها جُملةً إلى السماءِ الدُّنيا من اللوحِ وأملاهُ جبريلَ عليهِ السَّلامُ على السَفَرة ثُمَّ كانَ ينزله على النبيِّ صلَّى الله عليهِ وسلم نُجوماً في ثلاثٍ وعشرينَ سنةً كما مرَّ في سورة الفاتحةِ ووصفُها بالبركةِ لَما أنَّ نزولَ القُرآنِ مستتبعٌ للمنافعِ الدينيةِ والدنيويةِ بأجمعِها أو لِما فيها من تنزلِ الملائكةِ والرحمةِ وإجابةِ الدعوة وقسم النعمة وفصل الأفضية وفضيلةِ العبادةِ وإعطاءِ تمامِ الشفاعة لرسول الله ﷺ وقيلَ يزيدُ في هذهِ الليلةِ ماءُ زمزمَ زيادةً ظاهرةً ﴿إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ﴾ استئناف مبين لما يقضى الإنزالَ كأنَّه قيلَ إنَّا أنزلناهُ لأن من شأنِنا الإنذارَ والتحذيرَ من العقابِ وقيلَ جوابٌ للقسمِ وقولُه تعالى إنَّا أنزلناهُ الخ اعتراضٌ وقيلَ جوابٌ ثانٍ بغيرِ عاطفٍ
﴿فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ﴾ استئنافٌ كما قبلَهُ فإنَّ كونَها مفْرَقَ الأمورِ المحكمةِ أو الملتبسةِ بالحكمةِ الموافقةِ لها يستدعِي أنْ ينزلَ فيها القرآنُ الذي هُو من عظائِمها وقيلَ صفةٌ أُخرى لليلةِ وما بينهما اعرتاض وهذا يدلُّ على أنَّها ليلةُ القدرِ ومَعْنى يُفرقُ أنه يكتبُ ويفصلُ كلُّ أمرٍ حكيمٍ من أرزاقِ العباد وآجالهعم وجمع أمورِهم من هذِه الليلةِ إلى الأُخرى من السنةِ القابلةِ وقيلَ يبدأُ في استنساخِ ذلك من اللوحِ في ليلةِ البراءةِ ويقعُ الفراغُ في ليلةِ القدرِ فتدفعُ نسخةُ الأرزاقِ إلى ميكائيلَ ونسخةُ الحروبِ إلى جبريلَ وكذا الزلازلُ والخسفُ والصواعقُ ونسخةُ الأعمالِ إلى إسماعيلَ صاحبِ سماءِ الدُّنيا وهُو مَلكٌ عظيمٌ ونسخةُ المصائبِ إلى مَلكِ الموتِ عليهم السَّلامُ وقُرِىءَ يُفرَّقُ بالتشديدِ وقُرِىءَ يَفرُقُ على البناءِ للفاعلِ أي يفرقُ الله تعالى