وروي الطبري وغيره عن جابر: «أنّه لما نزلت هذه الآية سأل النبي صلى الله عليه وسلّم جبريل عنها؟ فقال: لا أعلم حتى أسأل، ثم رجع فقال: إن ربك يأمرك أن تصل من قطعك، وتعطي من حرمك، وتعفو عمن ظلمك». كما مر وأخذ بعض الشعراء هذا المعنى فقال:
خذ العفو وأمر بعرف كما | أمرت وأعرض عن الجاهلين |
ولن في الكلام لكلّ الأنام | فمستحسن من ذوي الجاه لين |
٢٠٠ - ﴿وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ﴾ ويصيبنك (١) يا محمد ويعرض لك ﴿مِنَ الشَّيْطانِ نَزْغٌ﴾؛ أي: نخسة ووسوسة تحملك على خلاف ما أمرت به من العفو والإعراض عن الجاهلين ﴿فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ﴾؛ أي: فاستجر بالله، والتجىء إليه في دفعه عنك ﴿إِنَّهُ﴾ سبحانه وتعالى ﴿سَمِيعٌ﴾ يسمع دعاءك واستعاذتك ﴿عَلِيمٌ﴾ بحالك، أو سميع باستعاذتك بلسانك، عليم بما في ضميرك من استحضاره معاني الاستعاذة، فالقول اللساني بدون المعارف القلبية عديم الفائدة والأثر، أو سميع بأقوال من آذاك، عليم بأفعاله، فيجازيه عليها مغنيا لك عن الانتقام، ومتابعة الشيطان.
والمعنى (٢): وإن يثر فيك الشيطان داعية الشر والفساد، بسبب غضب أو شهوة، فيجعلك تتأثر وتتحرك للعمل بها، كما تتأثر الدابة إذا نخست بالمهماز فتسرع، فالجأ إلى الله وتوجه إليه بقلبك ليعيذك من شر هذا النزغ، حتى لا يحملك على ما يزعجك من الشر، وعبر عن ذلك بلسانك فقل: أعوذ بالله من
(١) الخازن.
(٢) المراغي.
(٢) المراغي.