تكسير، فقالوا: أبناء، وجمع سلامة، فقالوا: بنون وهو جمع شاذّ، إذ لم يسلم فيه بناء الواحد، فلم يقولوا: إبنون ﴿وَإِسْرائِيلَ﴾ خفض بالإضافة، ولا ينصرف للعلمية والعجمة، وهو مركب تركيب الإضافة، مثل: عبد الله، فإن إسر بالعبرانية هو العبد، وإيل هو الله. وقيل: إسرا مشتق من الأسر وهو القوة، فكأن معناه الذي قواه الله.
وقيل: لأنه أسرى بالليل مهاجرا إلى الله تعالى. وقيل: لأنه أسر جنيّا كان يطفىء سراج بيت المقدس، فعلى هذا بعض اسم يكون عربيا، وبعضه عجميا، وقد تصرفت فيه العرب بلغات كثيرة أفصحها، لغة القرآن، وهي قراءة الجمهور ﴿إِسْرائِيلَ﴾ بوزن إسرافيل.
﴿اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ﴾ الذّكر والذّكر بكسر الذال وضمها بمعنى واحد، يكونان باللّسان وبالجنان. وقال الكسائي: هو بالكسر للّسان، وبالضم للقلب، فضدّ المكسور الصمت، وضد المضموم النسيان، وبالجملة فالذكر الذي محله القلب ضد النسيان، والذي محلّه اللسان ضد الصمت، سواء قيل: إنها بمعنى واحد، أم لا (والنعمة) اسم لما ينعم به، وهي شبيهة بفعل بمعنى مفعول، نحو: ذبح، ورعي، والمراد بها الجمع؛ لأنها اسم جنس. قال تعالى: ﴿وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لا تُحْصُوها﴾ ﴿وَأَوْفُوا بِعَهْدِي﴾ يقال: أوفى ووفّى ووفى مشددا، ومخففا، ثلاث لغات بمعنى واحد. وقيل: يقال: وفيت ووفّيت بالعهد، وأوفيت بالكيل لا غير، والعهد: حفظ الشيء ومراعاته حالا فحالا، والمراد منه الموثق، والوصيّة، وأصل أوفوا أوفيوا بوزن أفعلوا، استثقلت الضمة على الياء فحذفت، فلما سكنت التقى ساكنان، فحذفت الياء، وضمت الفاء؛ لمناسبة الواو، فصار وزنه أفعوا. وقوله: ﴿أُوفِ﴾ وزنه أفع؛ لمناسبة حذف لام الكلمة، بسبب جزم الفعل الواقع جوابا للطلب ﴿وَلا تَكُونُوا أَوَّلَ كافِرٍ بِهِ﴾ وزن أوّل أفعل، فاء الكلمة وعينها معتلّان، كلاهما واو، ولم يتصرف من هذا اللفظ فعل، فأصل الكلمة على هذا وول، هذا مذهب سيبويه. وقال غيره: أصله أو أل من وأل إذا نجا، أو طلب النجاة، أبدلت الهمزة الثانية واوا للتخفيف، ثم أدغمت فيها الواو الأولى، فقيل: أوّل. وقيل: إنه من آل، فهو أأول، وقع فيه قلب مكانيّ، بجعل العين مكان الفاء، والفاء مكان العين، فصار وزنه أعفل؛ أي: أو أل، ثم خفف بإبدال الهمزة الثانية واوا، وإدغام الواو الأولى فيها. انظر «الأشموني».