وهي جموع أضيفت إلى البنيان. وقرىء: ﴿أساس﴾ بفتح الهمزة، و ﴿أس﴾ بضم الهمزة وتشديد السين، وهما مفردان أضيفا إلى البنيان. فهذه تسع قراءات. وفي كتاب "اللوامح" قرأ، نصر بن عاصم: ﴿أفمن أسس﴾، بالتخفيف والرفع، ﴿بنيانه﴾ بالجر على الإضافة فأسس مصدر أس الحائط، يؤسه أسا، من باب شد وأسسا. وعن نصر أيضًا: ﴿أساس بنيانه﴾، كذلك إلا أنه بالألف وأس وأسس وأساس كل منها مصادر انتهى.
وقرأ عيسى بن عمر: ﴿على تقوى﴾، بالتنوين. وحكى سيبويه: هذه القراءة وردها الناس. قال ابن جني: قياسها أن تكون ألفها للإلحاق، كأرطى. وقرأ جماعة، منهم حمزة وابن عامر، وأبو بكر: ﴿جرف﴾، بإسكان الراء وباقي السبعة وجماعة: بضمها، وهما لغتان. وقيل: الأصل الضم، وفي مصحف أبي: ﴿فانهارت به قواعده في نار جهنم﴾.
١١٠ - ﴿لَا يَزَالُ بُنْيَانُهُم﴾ أي: لا يزال بنيان أهل مسجد الضرار، ولا يبرح مسجدهم، ﴿الَّذِي بَنَوْا﴾ بعد ما هدم، ﴿رِيبَةً فِي قُلُوبِهِمْ﴾؛ أي: سبب ريبة وشك في الدين، متمكن في قلوبهم في جميع الأوقات، ﴿إِلَّا﴾ وقت، ﴿أنْ تَقَطَّعَ قُلُوبُهُمْ﴾؛ أي: إلا وقت أن تجعل قلوبهم قطعًا وفلذًا، إما بالسيف أو بالموت. والمعنى: أن هذه الريبة باقية في قلوبهم إلى أن يموتوا، فالاستثناء من أعم الأزمنة كما ذكره "البيضاوي"؛ أي: لا يزال (١) مسجدهم سبب شك في الدين؛ لأن المنافقين عظم فرحهم ببناء مسجد الضرار، فلما أمر رسول الله، - ﷺ -، بتخريبه ثقل ذلك عليهم، وازداد بغضهم له وارتيابهم في نبوته، وعظم خوفهم منه في جميع الأوقات، وصاروا مرتابين في أن رسول الله، - ﷺ -، هل يخلي سبيلهم، أو يأمر بقتلهم ونهب أموالهم وقال السدي: لا يزال هدم بنيانهم ريبة، أي: حرارة وغيظًا في قلوبهم في جميع الأوقات، إلا أن يموتوا؛ أي؛ إلا في وقت موتهم وتقطع أجزائهم وتمزق أجسادهم.

(١) المراح.


الصفحة التالية
Icon