ربما ركن إلى ضروب من التأديب يشق على النفس احتمالها.
أسباب النزول
قوله تعالى: ﴿وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً...﴾ الآية، أخرج (١) ابن أبي حاتم عن عكرمة، قال: لما نزلت آية ﴿إِلَّا تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا﴾ وقد كان تخلف عنه ناس في البدو يفقهون قومهم، فقال المنافقون: قد بقي ناس في البوادي، هلك أصحاب البوادي فنزلت: ﴿وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً﴾. وأخرج عبد الله بن عبيد بن عمير، قال: كان المؤمنون لحرصهم على الجهاد إذا بعث رسول الله، - ﷺ -، سرية خرجوا فيها، وتركوا النبي، - ﷺ -، بالمدينة في رقة من الناس فنزلت.
التفسير وأوجه القراءة
١٢٠ - وفي قوله: ﴿مَا كَانَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ﴾ إلخ، زيادة تأكيد لوجوب الغزو مع رسول الله، - ﷺ -؛ أي: ما صح ولا جاز لأهل المدينة عاصمة الإِسلام ومقر رسول الله، - ﷺ -، ولا ينبغي لساكنيها من المهاجرين والأنصار، ﴿و﴾ لا لـ ﴿من حولهم من الأعراب﴾؛ أي: من سكان البوادي، كمزينة وجهينة وأشجع وغفار وأسلم، ﴿أَنْ يَتَخَلَّفُوا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ﴾، - ﷺ -، ويتأخروا عنه في الخروج للغزو في سبيل الله، كما فعل بعضهم في غزوة تبوك، ولا في غيره من شؤون الأمة ومصالح الملة، فإن السمع والطاعة لرسول الله - ﷺ -، واجب وكذلك غيره من الولاة والأئمة إذا ندبوا وعينوا. وإنما (٢) خصهم الله سبحانه وتعالى بالذكر؛ لأنهم قد استنفروا فلم ينفروا، بخلاف غيرهم من العرب فإنهم لم يستنفروا مع كون هؤلاء لقربهم وجوارهم أحق بالنصرة والمتابعة لرسول الله - ﷺ -، ﴿وَلَا﴾ أن، ﴿يَرْغَبُوا﴾ ويتخلفوا، ﴿بِأَنْفُسِهِمْ عَنْ﴾ صيانة وحفظ، ﴿نفسه﴾ - ﷺ -، الشريفة فيشحون بأنفسهم ويصونونها، ولا يشحون بنفس رسول الله، - ﷺ -، ويصونونها كما شحوا بأنفسهم وصانوها، بل واجب عليهم أن يكابدوا معه المشاق ويجاهدوا بين يديه
(٢) الشوكاني.