مع الجحد.
قال الشاعر:

فَمَا فَتِئَتْ حَتَّى كَأنَّ غُبَارَهَا سُرَادِقُ يَوْمٍ ذِيْ رِيَاحٍ تَرَفَّعُ
أي: ما برحت.
﴿حَتَّى تَكُونَ حَرَضًا﴾ وأصل الحرض: الفساد في الجسم أو العقل من الحزن أو العشق أو الهرم حكي ذلك عن أبي عبيدة وغيره، ومنه قول الشاعر:
سَرَ هَمِّي فَأمْرَضَنِيْ وَقَدْمَا زَادَنِي مَرَضَا
كَذَاكَ الحُبُّ قَبْلَ الْيَوْ مِ مِمَّا يُوْرِثُ الْحَرَضَا
وقال عبد الله بن عمر العرجي (١):
إِنِّيْ امْرُؤٌ لَجَّ بِيْ حُبٌّ فَأحْرَضَنِيْ حَتَّى بَلِيْتُ وَحَتَى شَفَّنِيْ السَّقَمُ
ومعنى: ﴿حَتَّى تَكُونَ حَرَضًا﴾؛ أي: (٢) تالفًا، وقال ابن عباس ومجاهد: دنفًا؛ أي: ملازمًا للمرض، وقال قتادة: هرمًا، والضحاك: باليًا داثرًا، ومحمد بن إسحاق: فاسدًا لا عقل لك. وقال الفراء: الحارض: الفاسد الجسم والعقل وكذا الحرض. وقال ابن زيد: الحرض الذي قد ردَّ إلى أرذل العمر. وقال الربيع بن أنس: يابس الجلد على العظم. وقال المؤرِّخ: ذائبًا من الهم. وقال الأخفش، ذاهبًا، وابن الأنباري: هالكًا، وكلها متقاربة.
٨٦ - فأجابهم والتمس لنفسه معذرة على الحزن كما حكاه الله سبحانه وتعالى عنه بقوله: ﴿قَالَ﴾ يعقوب عليه السلام، وهذه الجملة مستأنفة في جواب سؤال مقدر كأنه قيل: فماذا قال يعقوب لهم حين قالوا له ما قالوا؟ فقيل: قال يعقوب جوابًا لأولاده اللائمين له: لا تلوموني يا أولاد على حزني وبكائي، وأنا لم أشك إليكم حزني ولا إلى أحد من خلق الله، بل ﴿إِنَّمَا أَشْكُو﴾ وأظهر ﴿بَثِّي﴾؛ أي:
(١) زاد المسير.
(٢) القرطبي.


الصفحة التالية
Icon