١٠٨ - ﴿قُلْ﴾ يا محمد لهؤلاء المشركين: ﴿هَذِهِ﴾ الطريقة والملة التي أنا عليها من توحيد الله، وإخلاص العبادة له دون الأوثان والأصنام، مبتدأ خبره: ﴿سَبِيلِي﴾؛ أي: ملتي وسنتي ومنهاجي وطريقتي، وجملة قوله: ﴿أَدْعُو إِلَى اللَّهِ﴾؛ أي: أدعو الناس بهذه الملة إلى توحيد الله والإيمان به حالة كوني ﴿عَلَى بَصِيرَةٍ﴾ وحجة واضحة، وبرهان قاطع. وضمير ﴿أَنَا﴾ تأكيد لفاعل ﴿أَدْعُو﴾، ولذلك عطف عليه قوله: ﴿وَمَنِ اتَّبَعَنِي﴾؛ أي: أدعو إلى توحيد الله بهذه الملة، ويدعو إليه من اتبعني وآمن بي وصدقني، وهذا (١) قول الكلبي وابن زيد قالا: حق على من اتبعه وآمن به أن يدعو إلى ما دعا إليه، ويذكِّر بالقرآن، وقيل: تم الكلام عند قوله: ﴿أَدْعُو إِلَى اللَّهِ﴾ ثم استأنف ﴿عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي﴾ يعني: أنا على بصيرة وحجة واضحة ومن اتبعني أيضًا على بصيرة. قال ابن عباس: إن محمدًا - ﷺ - وأصحابه كانوا على أحسن طريقة وأفضل هداية، وهم معدن العلم وكنز الإيمان وجند الرحمن. وقال ابن مسعود: ومن كان مستنا فليستن بمن قد مات، أولئك أصحاب محمد - ﷺ -، كانوا خير هذه الأمة، وأبرها قلوبًا، وأعمقها علمًا، وأقلها تكلفًا، قوم اختارهم الله لصحبة نبيه - ﷺ -، ونقل دينه فتشبهوا بأخلاقهم وطريقهم، فهؤلاء كانوا على الصراط المستقيم. والآية كقوله: ﴿ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ﴾. وقرأ عبد الله شذوذًا: ﴿قل هذا سبيلي﴾ - على التذكير - والسبيل: يذكر ويؤنث.
﴿و﴾ قل يا محمد: ﴿سبحان الله﴾؛ أي: أسبح الله سبحانه وتعالى تسبيحًا، وأنزهه تنزيهًا عما لا يليق بجلاله من جميع العيوب والنقائص والشركاء والأضداد والأنداد، ومن أن يكون معبود سواه، وتعالى الله عن ذلك علوًا كبيرًا ﴿تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا (٤٤)﴾. وقل يا محمد: ﴿وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ﴾ الذين أشركوا بالله غيره تعالى، والمعنى: أنا بريء من أهل الشرك به لست منهم، ولا هم مني. وهذا معطوف على: ﴿وَسُبْحَانَ اللَّهِ﴾ عطف جملة على جملة.

(١) الخازن.


الصفحة التالية
Icon