هؤلاء المعاندين بابًا من السماء فظلوا في ذلك الباب يصعدون، فيرون من فيها من الملائكة، وما فيها من العجائب.. لقالوا - لفرط عنادهم وغلوهم في المكابرة -: إنما سدت أبصارنا، فما نراه تخيل لا حقيقة له، وقد سحرنا محمد بما يظهر على يديه من الآيات.
وقرأ الأعمش وأبو حيوة (١): ﴿يَعْرِجُون﴾ بكسر الراء، وهي لغة هذيل في العروج بمعنى الصعود، وقرأ الحسن ومجاهد وابنُ كثير: ﴿سُكِّرَتْ﴾ بتخفيف الكاف مبنيًّا للمفعول، وقرأ باقي السبعة.. بشدها مبنيًّا للمفعول، وقرأ الزهري: بفتح السين وكسر الكاف مخففة مبنيًّا للفاعل، شبهوا رؤية أبصارهم برؤية السكران، لقلة تصوره ما يراه، وقرأ أبان بن تغلب: ﴿سُحرت أبصارنا﴾، وينبغي أن تجعل هذه القراءة تفسير معنى لا تلاوةً، لمخالفتها لسواد المصحف.
١٦ - ولما ذكر سبحانه كفر الكافرين وعجزهم، وعجز أصنامهم.. ذكر قدرته الباهرة، وخلقه البديع، ليستدل بذلك على وحدانيته فقال: ﴿وَلَقَدْ جَعَلْنَا﴾؛ أي: وعزتي وجلالي لقد خلقنا ﴿فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا﴾؛ أي: قصورًا وبيوتًا وطرقًا ومنازل، ينزلها السيارات السبع في السموات السبع، والمراد بها هنا: منازل الشمس والقمر، والنجوم السيارة ومواضع سيرها، وهي البروج الاثنا عشر المشهورة، المختلفة الهيئات والخواص، وأسماؤها: الحمل، والثور، والجوزاء، والسرطان، والأسد، والسنبلة، والميزان، والعقرب، والقوس، والجدي، والدلو، والحوت، وقد جمع تلك الأبراج بعضهم في بيتين فقال:
حَمَلَ الثَّوْرُ جَوْزَةَ السَّرَطَانِ | وَرَعَى اللَّيْثُ سُنْبُلَةَ الْمِيْزَانِ |
وَرَمَى عَقْرَبٌ بَقَوْسٍ لِجَدْيٍ | نَزَحَ الْدَّلْوُ بِرْكَةَ الْحِيْتَانِ |
(٢) الصاوي.