فأدركتهم قريش بالطريق، ففتنوهم، فكفروا مكرهين، ففيهم نزلت هذه الآية.
قوله تعالى: ﴿ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ هَاجَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا فُتِنُوا...﴾ الآية، سبب نزولها: ما أخرجه ابن جرير بسنده عن عكرمة عن ابن عباس قال: كان قوم من أهل مكة أسلموا، وكانوا يستخفون بالإِسلام، فأخرجهم المشركون يوم بدر معهم، فأصيب بعضهم وقتل بعض، فقال المسلمون: كان أصحابنا هؤلاء مسلمين وأكرهوا فاستغفروا لهم، فنزلت: ﴿إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ...﴾ إلى آخر الآية، قال: وكتب إلى من بقي بمكة من المسلمين هذه الآية، لا عذر لهم، قال: فخرجوا فلحقهم المشركون فأعطوهم الفتنة، فنزلت هذه الآية: ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللهِ فَإِذَا أُوذِيَ في اللهِ جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذَابِ اللهِ﴾ إلى آخر الآية، فكتب المسلمون إليهم بذلك فخرجوا وأيسوا من كل خير، ثم نزلت فيهم: ﴿ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ هَاجَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا فُتِنُوا ثُمَّ جَاهَدُوا وَصَبَرُوا إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَحِيمٌ (١١٠)﴾ فكتبوا إليهم بذلك، إن الله قد جعل لكم مخرجًا، فخرجوا فأدركهم المشركون، فقاتلوهم، ثم نجا من نجا، وقتل من قتل الحديث. قال الهيثمي في "مجمع الزوائد": رجاله رجال الصحيح غير محمَّد بن شريك وهو ثقة.
وأخرج (١) ابن سعد في "الطبقات" عن عمر بن الحكم قال: كان عمار بن ياسر يعذب حتى لا يدري ما يقول، وكان أبو فكيهة يعذب حتى لا يدري ما يقول، وبلال وعامر بن فهيرة وقوم من المسلمين، وفيهم نزلت هذه الآية: ﴿ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ هَاجَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا فُتِنُوا...﴾ الآية.
التفسير وأوجه القراءة
٩٨ - ﴿فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ﴾؛ أي: فإذا أردت قراءة القرآن. عبّر (٢) عن الإرادة بالقراءة على طريقة إطلاق اسم المسبب على السبب، إيذانًا بأنَّ المراد هي الإرادة المتصلة بالقراءة، ﴿فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ﴾؛ أي: فاسأل الله سبحانه وتعالى أن
(٢) روح البيان.