وقرأ الجمهور (١) ﴿وَنَأى﴾ بفتحتين بلا إمالة، وقرأ حمزة، والكسائي بالإمالة فيهما، وأمال شعبة والسوسي الهمزة فقط، وقرأ ابن عامر في رواية ابن ذكوان وأبو جعفر ﴿ناء﴾ مثل باع بتأخير الهمزة، قيل: هو مقلوب ﴿نَأى﴾ فمعناه بَعُدَ، وقيل: معناه نهض بجانبه، وقال الشاعر:
حَتَّى إِذَا مَا الْتَأَمَتْ مَفَاصِلُهْ | وَنَاءَ فِيْ شَقِّ الشِّمَالِ كَاهِلُهْ |
وهذا وصف للجنس باعتبار بعض أفراده ممن هو على هذه الصفة، ولا ينافيه قوله تعالى: ﴿وَإِذا مَسَّهُ الشَّرُّ فَذُو دُعاءٍ عَرِيضٍ﴾ ونظائره، فإن ذلك شأن بعض آخر منهم غير البعض المذكور في هذه الآية، ولا يبعد أن يقال: لا منافاة بين الآيتين، فقد يكون مع شدة يأسه، وكثرة قنوطه كثير الدعاء بلسانه.
٨٤ - ﴿قُلْ﴾ يا محمد لهؤلاء المشركين ﴿كُلٌّ﴾؛ أي: كل إنسان منا ومنكم ﴿يَعْمَلُ﴾ عمله ﴿عَلَى شاكِلَتِهِ﴾؛ أي: على طريقته التي تشاكل وتوافق حاله التي جبل، وطبع عليها من الهدي والضلال، قال في «القاموس» الشّاكِلَة الشكل، والشكل المثل والنّظير والناحية، والنية، والطريقة، والمذهب انتهى.
وقيل: الطبيعة، وقيل: الدين، والمعنى: أنّ كلّ إنسان يعمل عمله على ما يشاكل أخلاقه التي ألفها، وطبع عليها، وهذا ذم للكافر، ومدح للمؤمن ﴿فَرَبُّكُمْ﴾
(١) البحر المحيط والشوكاني.
(٢) روح البيان.
(٣) الشوكاني.
(٢) روح البيان.
(٣) الشوكاني.