والرابع منها: ما ذكره بقوله: ﴿أَوْ تَأْتِيَ بِاللَّهِ﴾؛ أي: أو حتى تأتيَ لنا بالله سبحانه وتعالى حالة كونه قبيلًا أي مقابلًا مواجهًا مرئيًا لنا ﴿وَ﴾ بـ ﴿الملائكة﴾ حالة كونهم ﴿قَبِيلًا﴾؛ أي: مقابلين مواجهين مرئيين لنا، فالقبيل بمعنى المقابل، كالعشير (١) بمعنى المعاشر، فهو حالٌ من الجلالة، وحال الملائكة محذوفة لدلالتها عليها؛ أي: والملائكة قبيلًا، وقيل (٢): هو جمع القبيلة؛ أي: تأتي بأصناف الملائكة قبيلةً قبيلةً، قاله مجاهد وعطاءً، وقيل (٣): قبيلا؛ أي: كفيلًا من قبله بكذا، إذا كفله، والقبيل والزّعيم، والكفيل بمعنى واحد.
وقال الزمخشري: ﴿قَبِيلًا﴾؛ أي: كفيلًا بما تقول شاهدًا لصحته، والمعنى أو تأتي بالله قبيلًا، والملائكة قبيلًا، وقرأ الأعرج ﴿قُبُلًا﴾ من المقابلة.
وخلاصة ذلك: أي أو تأتي لنا بالله، والملائكة، نقابلهم معاينةً ومواجهةً، ونحو الآية قولهم: ﴿لَوْلا أُنْزِلَ عَلَيْنَا الْمَلائِكَةُ أَوْ نَرى رَبَّنا﴾.
٩٣ - والخامس منها: ما ذكره بقوله: ﴿أَوْ﴾ حتى ﴿يَكُونَ لَكَ﴾ يا محمد ﴿بَيْتٌ مِنْ زُخْرُفٍ﴾؛ أي: من ذهب وفضةٍ كامل الحسن، وقرأ الجمهور ﴿مِنْ زُخْرُفٍ﴾ (٤)، وقرأ عبد الله بن مسعود ﴿من ذهب﴾ ولا تحمل على أنها قراءة لمخالفة السواد، وإنما هي تفسير. وقال مجاهد: كنا لا ندري ما الزخرف؛ حتى رأيت في قراءة عبد الله من ذهب. والسادس منها: ما ذكره بقوله: ﴿أَوْ﴾ حتى ﴿تَرْقى﴾ وتصعد ﴿فِي﴾ معارج ﴿السَّماءِ﴾ ومدارجها وسلالمها، ونحن ننظر إليك، فحذف المضاف يقال: رَقَى في السلم وفي الدرجة، من باب رقِيَ رقيًا، أي: صعد وعلا صعودًا وعلوًّا، والظاهر أن السّماء هنا هي المظلة، وقيل: المراد: إلى مكان عالٍ، وكلُّ ما علا

(١) روح البيان.
(٢) الشوكاني.
(٣) البحر المحيط.
(٤) البحر المحيط.


الصفحة التالية
Icon