نبات ﴿وَحَشَرْناهُمْ﴾؛ أي: والحال أنا قد جمعنا الخلائق من الأولين والآخرين من كل جانب إلى الموقف. ﴿فَلَمْ نُغادِرْ﴾؛ أي: لم نترك ﴿مِنْهُمْ أَحَدًا﴾ تحت الأرض إلا وقد جمعناهم لذلك اليوم، يقال: غادره: وأغدره إذا تركه ومنه الغدر الذي هو ترك الوفاء، ومنه: الغدير، وهو ماء غادره السيل، وتركه في الأرض الغائرة، أي: المنخفضة.
وقال الزمخشري: فإن قلت (١): لم جيء بـ ﴿حَشَرْناهُمْ﴾ ماضيا بعد ﴿نُسَيِّرُ﴾ و ﴿تَرَى﴾؟
قلت: للدلالة على أن حشرهم قبل التسيير وقبل البروز ليعاينوا تلك الأهوال والعظائم، كأنه قيل: وحشرناهم قبل ذلك انتهى. والأولى أن تكون ﴿الواو﴾ واو الحال، لا واو العطف، والمعنى: وقد حشرناهم؛ أي: يوقع التسيير في حالة حشرهم، وقيل: ﴿وَحَشَرْناهُمْ﴾، ﴿وَعُرِضُوا﴾، ﴿وَوُضِعَ الْكِتابُ﴾ مما وضع فيه الماضي موضع المستقبل لتحقيق وقوعه.
وقرأ عمرو بن العاص وابن السميفع وأبو العالية (٢): ﴿وترى الأرض بارزة﴾ بضم التاء، والضاد، وقرأ أبو رجاء العطاردي، كذلك إلا أنه فتح ضاد الأرض.
وقرأ الجمهور (٣): ﴿نُغادِرْ﴾ بنون العظمة وقتادة ﴿تغادر﴾ على الإسناد إلى القدرة أو الأرض، وقرأ أبان بن يزيد عن عاصم كذلك، أو بفتح الدال وبالياء مبنيًا للمفعول و ﴿أحد﴾ بالرفع، وعصمة كذلك، والضحاك ﴿نغدر﴾ بضم النون، وإسكان الغين، وكسر الدال.
٤٨ - ﴿وَعُرِضُوا﴾؛ أي: الخلائق يوم القيامة يعني المحشورين ﴿عَلى رَبِّكَ﴾ كعرض الجند على السلطان ليقضى بينهم حالة كونهم ﴿صَفًّا﴾؛ أي: مصفوفين كل أمة وزمرة صف.
والمعنى (٤): صفوفًا يقف بعضهم وراء بعض، غير متفرقين، ولا مختلطين،
(٢) زاد المسير.
(٣) البحر المحيط.
(٤) روح البيان.