رسول الله - ﷺ - قال: "سيهلك من أمتي أهل الكتاب، وأهل اللبن" قلت: يا رسول الله، ما أهل الكتاب؟ قال: "قوم يتعلمون الكتاب يجادلون به الذين آمنوا" قلت: وما أهل اللبن؟ قال: "قوم يتبعون الشهوات، ويضيعون الصلوات" ثم ذكر عاقبة أعمالهم وسوء مآلهم فقال: ﴿فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ﴾ في الآخرة ﴿غَيًّا﴾؛ أي: شرًا وخسرانًا لإهمالهم أداء واجبات الدين، وانهماكهم في المعاصي والآثام، فإن كلّ (١) شر عند العرب غي، فكل خير رشاد، وعن الضحاك: أي جزاءَ غي، كقوله تعالى: ﴿يَلْقَ أَثَامًا﴾، ؛ أي: جزاءَ أثام وقيل ﴿غَيًّا﴾؛ أي: واديًا في جهنم، يستعيذ من حرّه أوديتها، أعد للزاني، وشارب الخمر، وآكل الربا، وشاهد الزور، ولأهل العقوق، وتارك الصلاة، وقيل: الغيّ الضلال، وقيل: الخيبة، وقرىء فيما حكى الأخفش: ﴿يَلْقَوْنَ﴾ بضم الياء وفتح اللام وشد القاف
٦٠ - ﴿إِلَّا مَنْ تَابَ﴾ منهم ورجع مما فرط منه من تضييع الصلوات، واتباع الشهوات، إلى طاعة الله تعالى ﴿وَآمَنَ﴾ بالله من الكفر ﴿وَعَمِلَ﴾ عملًا ﴿صَالِحًا﴾ بعد التوبة والندم، وفي هذا (٢) الاستثناء دليل على أن الآية في الكفرة، لا في المسلمين ﴿فَأُولَئِكَ﴾ الموصوفون بالتوبة، والإيمان والعمل الصالح ﴿يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ﴾ بموجب الوعد المحتوم، قرأ أبو جعفر، وشيبة، وابن كثير، وابن محيصن، وأبو عمرو، ويعقوب، وأبو بكر ﴿يَدْخُلُونَ﴾ بضم الياء وفتح الخاء، وقرأ الباقون: بفتح الياء وضم الخاء وقرأ ابن غزوان عن طلح: ﴿سيدخلون﴾ بسين إلاستقبال مبنيًا للفاعل.
﴿وَلَا يُظْلَمُونَ شَيْئًا﴾؛ أي: لا ينقص من أجورهم شيء، وإن كان قليلًا، فإن الله سبحانه وتعالى يوفي إليهم أجورهم، وانتصاب ﴿جَنَّاتِ عَدْنٍ﴾ على البدل من الجنة بدل البعض لكون جنات عدن بعضًا من الجنة، ويكون قوله: ﴿وَلَا يُظْلَمُونَ﴾ اعتراضًا، أو حالًا كما في "البحر" قال الزجاج: ويجوز ﴿جَنَّاتِ عَدْنٍ﴾ بالرفع وقرىء كذلك؛ يعني: على الابتداء، والخبر ﴿الَّتِي﴾، وقرأ الجمهور (٣)

(١) روح البيان.
(٢) الشوكانى.
(٣) البحر المحيط.


الصفحة التالية
Icon