يتشاورون في دفع ما ينزل بهم من البأساء، أو يجلب لهم السرّاء. ومن ثم جاء في الخبر: «صلاة الجماعة تفضل على صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة» وعبر عن الصلاة بالركوع؛ ليبعدهم عن الصلاة التي كانوا يصلونها قبلا، إذ لا ركوع فيها.
٤٤ - والخطاب في قوله: ﴿أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ﴾ موجّه إلى حملة الكتاب من الأحبار والرهبان. فقد روي عن ابن عباس: أنّ الآية نزلت في أحبار المدينة، كانوا يأمرون من نصحوه سرا بالإيمان بمحمد صلّى الله عليه وسلّم، ولا يؤمنون به. وقال السدّيّ: إنهم كانوا يأمرون الناس بطاعة الله تعالى، وينهونهم عن معصيته، وهم يفعلون ما ينهون عنه. والاستفهام (١) فيه للتوبيخ، والتقريع لهم على ما فعلوا من أمر الناس، وترك أنفسهم المضمّن للإنكار والنهي، ونظيره في النهي، قول أبي الأسود الدؤليّ:
لا تنه عن خلق وتأتي مثله | عار عليك إذا فعلت عظيم |
وابدأ بنفسك فانهها عن غيّها | فإن انتهت عنه فأنت حكيم |
والأمر (٢): القول لمن دونك افعل، والمراد بالناس سفلتهم. والبرّ: التوسع في الخير، من البرّ الذي هو الفضاء الواسع ﴿وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ﴾؛ أي: (٣) تتركونها
(٢) روح البيان.
(٣) روح البيان.