لـ ﴿طَرِيقًا﴾ مع حذف العائد؛ أي: ﴿لَا تَخَافُ﴾ فيه ﴿وَلَا تَخْشَى﴾ فيه، وقرأ الأعمش، وحمزة، وابن أبي ليلى: ﴿لا تخف﴾ بالجزم على جواب الأمر، أو على نهيٍ مستأنفٍ، قاله الزجاج، وقرأ أبو حيوة، وطلحة، والأعمش: ﴿دركاً﴾ بسكون الراء، والجمهور: بفتحها، والدرك والدرك: اسمان من الإدراك؛ أي: لا يدركك فرعون وجنوده، ولا يلحقونك ﴿وَلَا تَخْشَى﴾ أنت ولا قومك غرقاً، وعطفه على قراءة الجمهور على ﴿لَا تَخَافُ﴾ ظاهر، وأما على قراءة الجزم، فخرج على أن الألف جيء بها لأجل أواخر الآي فاصلةً، نحو قوله: ﴿فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا﴾ أو على أنه إخبار مستأنف؛ أي: وأنت ﴿لا تخشى﴾ أو على أنه مجزوم بحذف الحركة المقدرة على لغة من قال: ألم يأتيك، وهي لغة قليلة، وقال الشاعر:

إِذَا الْعَجُوْزُ غَضِبَتْ فَطَلِّقِ وَلاَ تَرَضَّاهَا وَلاَ تُمَلِّقِ
وحاصل معنى الآية: أي (١) ولقد أوحينا إلى رسولنا موسى، حين تابعنا له الحجج على فرعون، فأبى أن يستجيب لأمر ربه، وتمادى في طغيانه، بـ ﴿أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِي﴾ الذين أرسلتك لإنقاذهم من هذا الطاغية، واخرج بهم من مصر، فاتخذ لهم طريقًا يابسًا في البحر، ولا تخف من فرعون وقومه أن يدركوك، ولا تخشى أن يغرقك البحر.
٧٨ - و ﴿الفاء﴾ في قوله: ﴿فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ بِجُنُودِهِ﴾: عاطفة على محذوف تقديره: ففعل موسى ما أمر به من الإسراء بهم، وضرب الطريق وسلوكه، فتبعهم فرعون حالة كونه مصاحبًا بجنوده وأعوانه، حتى لحقوهم وقت إشراق الشمس، وهو إضاءتها، يقال: أتبعهم؛ أي: تبعهم، وذلك إذا كانوا سبقوك فلحقتهم، فالفرق بين تبعه وأتبعه، أن يقال: أتبعه إتباعًا، إذا طلب الثاني اللحوق بالأول، وتبعه تبعًا، إذا مر به، ومضى معه.
وقرأ الجمهور (٢): ﴿فَأَتْبَعَهُمْ﴾ بسكون التاء، وأتبع: قد يكون بمعنى تبع فيتعدى إلى واحد، وقال الزجاج: تبع الرجل الشيء وأتبعه، بمعنى واحد. اهـ
(١) المراغي.
(٢) البحر المحيط.


الصفحة التالية
Icon