والخلاصة: أن الشفاعة لا تكون نافعة للمشفوع له إلا بشرطين:
١ - إذن الله للشافع بالشفاعة فيه.
٢ - رضا الله عن قول صدر من المشفوع له، ليأذن بشفاعة الشافع له.
وقصارى ذلك: أنما تنفع الشفاعة لمن أذن له الرحمن في أن يشفع له، وكان له قول يرضي الله سبحانه، وبمعنى الآية قوله تعالى: ﴿مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ﴾ وقوله: ﴿وَكَمْ مِنْ مَلَكٍ فِي السَّمَاوَاتِ لَا تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا إِلَّا مِنْ بَعْدِ أَنْ يَأْذَنَ اللَّهُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَرْضَى﴾ وقوله: ﴿وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى وَهُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ﴾ وقوله: ﴿يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلَائِكَةُ صَفًّا لَا يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَقَالَ صَوَابًا (٣٨)﴾
١١٠ - ولما نفى أن تنفع شفاعة بغير إذنه.. علل ذلك بقوله: ﴿يَعْلَمُ﴾ الله سبحانه وتعالى ﴿مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ﴾ من (١) أمور الآخرة؛ أي: يعلم سبحانه ما بين أيدي المتبعين الداعي، وهم الخلق جميعًا ﴿وَمَا خَلْفَهُمْ﴾ من أمور الدنيا ﴿و﴾ هم ﴿لا يحيطون به﴾؛ أي: بما بين أيديهم وما خلفهم ﴿عِلْمًا﴾؛ أي: لا يعلمون ذلك. وقيل: المعنى: يعلم الله سبحانه ما بين أيديهم، أي (٢): ما تقدمهم من الأحوال وما خلفهم؛ أي: وما بعدهم مما يستقبلون.
والمعنى (٣): أي يعلم ما بين أيدي عباده من شؤون الدنيا، وما خلفهم من أمور الآخرة، وهم لا يعلمون جملة ذلك ولا تفصيله، وقيل: المعنى: ولا يحيطون به (٤) تعالى علمًا؛ أي: لا تحيط علومهم بذاته ولا بصفاته ولا بمعلوماته؛ لأنه تعالى قديم، وعلم المخلوقين لا يحيط بالقديم، قال الراغب: والإحاطة بالشيء: هي أن تعلم وجوده، وجنسه، وكيفيته، وغرضه المقصود به إيجاده، وما يكون به ومنه، وذلك ليس إلا لله - سبحانه وتعالى -
١١١ - ولما ذكر خشوع الأصوات.. أتبعه خضوع ذويها فقال: ﴿وَعَنَتِ الْوُجُوهُ﴾؛ أي: ذلت وجوه الخلائق وذواتهم كلها، صالحةً وعاصيةً، إن قلنا: إن ﴿أل﴾ فيه للجنس، أو

(١) الجلالين.
(٢) المراح.
(٣) المراغي.
(٤) الشوكاني.


الصفحة التالية
Icon