على طريق الخلود. والخطاب لهم، ولما يعبدون، تغليبا لهم. واللام في قوله: ﴿لَهَا﴾ للتقوية، لضعف عمل اسم الفاعل. وقيل: هي بمعنى ﴿عَلَى﴾، والمراد بالورود هنا الدخول.
والمعنى (١): إنكم أيها المشركون بالله، العابدون من دونه الأوثان والأصنام، وما تعبدون من دونه، من الآلهة وقود جهنم، وإنكم واردوها وداخلون فيها، ونحو الآية قوله: ﴿فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ﴾.
والحكمة في أن الآلهة تقرب بهم، وتدخل معهم في النار:
١ - أنهم كلما رأوهم، ازدادوا غمَّا وحسرةً؛ لأنهم ما وقعوا في العذاب إلّا بسببهم، وقد قالوا: "النظر إلى وجه العدو باب من أبواب العذاب".
٢ - أنهم قد كانوا في الدنيا، يظنون أنهم يشفعون لهم في الآخرة، ويدفعون عنهم العذاب، فإذا استبان لهم أن الأمر على عكس ما كانوا يظنون، لم يكن شيء أبغض إليهم منهم.
٣ - أن إلقاءهم في النار استهزاء بهم وبعبادتهم.
وقرأ الجمهور (٢): ﴿حَصَبُ﴾ بالحاء والصاد المهملتين، وهو ما يحصب به؛ أي: يرمى به في نار جهنم. وقرأ ابن السميقع وابن أبي عبلة ومحبوب وأبو حاتم عن ابن كثير: بإسكان الصاد، ورويت عن ابن عباس، وهو مصدر، يراد به المفعول؛ أي: المحصوب. وقرأ ابن عباس: بالضاد المعجمة المفتوحة. وعنه إسكانها. وبذلك قرأ كثير عزة. والحصب ما يرمى به في النار. وقرأ أبيّ وعليّ وعائشة وابن الزبير وزيد بن علي ﴿حطب﴾ بالطاء.
٩٩ - ثم بيّن لهم بالدليل خطأ ما يعتقدون فقال: ﴿لَوْ كَانَ هَؤُلَاءِ﴾؛ أي: لو كانت هذه الأصنام ﴿آلِهَةً﴾ على الحقيقة، كما تزعمون أيها العابدون ﴿مَا وَرَدُوهَا﴾؛ أي: ما وردت تلك الآلهة النار، ولا دخلوها، لكنه قد اتضح لكم

(١) المراغي.
(٢) البحر المحيط.


الصفحة التالية
Icon