مصروف إلى الجمل السابقة من قوله: ﴿وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا﴾ إلى آخره، وفيه معطوفان بالواو، فناسب ذكرها بالعطف، وذكر ﴿إِلَيْكُمْ﴾ ليفيد أن الآيات المبينات نزلت في المخاطبين في الجمل السابقة. وما ذكر بعدُ خالٍ عن ذلك، فناسبه الاستئناف والحذف.
٣٥ - ثم ذكر الله سبحانه وتعالى مثلين:
أحدهما: في بيان أن دلائل الإيمان في غاية الظهور.
والثاني: في بيان أن أديان الكفرة في غاية الظلمة.
أما المثل الأول: فقوله تعالى: ﴿اللَّهُ﴾ سبحانه وتعالى ﴿نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾؛ أي: مظهرهما (١) ومبديهما وموجدهما من العدم بكمال القدرة الأزلية.
وقال ابن عباس: أي الله هادي أهل السماوات والأرض، فهم بنوره يهتدون، وبهداه من حيرة الضلالة ينجون. فمعنى النور هو الهداية؛ أي: ذو نور؛ أي: ذو هداية لأهلهما. وقيل: معناه (٢) الله منور السماوات والأرض. نور السماء بالملائكة. ونور الأرض بالأنبياء والعلماء والمؤمنين. وقيل: زين الأرض بالنبات والأشجار.
واعلم: أن النور على أربعة أوجه (٣):
أولها: نور يظهر الأشياء للأبصار وهو لا يراها، كنور الشمس وأمثالها، فهو يظهر الأشياء المخفية في الظلمة ولا يراها.
وثانيها: نور البصر، وهو يظهر الأشياء للإبصار ولكنه يراها. وهذا النور أشرف من الأول.
وثالثها: نور العقل، وهو يظهر الأشياء المعقولة المخفية في ظلمة الجهل
(٢) الخازن.
(٣) روح البيان.