عنه، فإنما ذلك لدفع ضرّ يقع عليهم. وقد جاء في الحديث القدسي: (فكلّ عمل ابن آدم له أو عليه) وهو بمعنى قوله تعالى: ﴿لَها ما كَسَبَتْ وَعَلَيْها مَا اكْتَسَبَتْ﴾
٥٨ - ﴿وَإِذْ قُلْنَا﴾ هذا هو الإنعام الثامن؛ لأنه تعالى أباح لهم دخول البلدة، وأزال عنهم التيه. وَإِذْ (١) معطوف على نعمتي على كونها مفعولا لا ذكروا، كما مرّ مرارا؛ أي: واذكروا يا بني إسرائيل! نعمتي التي أنعمت بها عليكم، ووقت قولنا لآبائكم إثر ما أنقذتم من التيه ﴿ادْخُلُوا هذِهِ الْقَرْيَةَ﴾ منصوب على الظرفية؛ أي: مدينة بيت المقدس، كما قاله مجاهد، أو قرية أريحاء، كما قاله ابن عباس، وهي قرية قريبة من بيت المقدس. وجزم القاضي، وغيره بالأول، ورجّح الثاني بأنّ الفاء في قوله ﴿فَبَدَّلَ﴾ تقتضي التعقيب، فيكون واقعا عقب هذا الأمر في حياة موسى عليه السلام، وموسى توفّي في التيه، ولم يدخل بيت المقدس. قاله الرازيّ. اه.
«كرخي».
وعبارة الخازن: قال ابن عباس: القرية هي أريحا قرية الجبارين، بفتح الهمزة وكسر الراء وبالحاء المهملة، قرية بالغور قريبة من بيت المقدس. قيل: كان فيها قوم من بقية عاد يقال لهم: العمالقة، ورأسهم عوج بن عنق، فعلى هذا يكون القائل يوشع بن نون؛ لأنه الذي فتح أريحا بعد موسى؛ لأن موسى مات في التيه. وقيل: هي بيت المقدس، وعلى هذا فيكون القائل موسى، والمعنى: إذا خرجتم بعد مضيّ الأربعين سنة، فادخلوا بيت المقدس. اه.
والقرية (٢): اسم للمكان الذي يجتمع فيه القوم، وقد تطلق عليهم مجازا، كما في قوله تعالى: ﴿وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ﴾؛ أي: أهلها، والمعنى؛ أي: واذكروا قصة، إذ قلنا لكم بعد خروجكم من التيه على لسان موسى، أو على لسان يوشع، ادخلوا هذه القرية ﴿فَكُلُوا مِنْها﴾؛ أي: من ثمارها، وطعامها ﴿حَيْثُ شِئْتُمْ﴾ وأنى شئتم أكلا ﴿رَغَدًا﴾؛ أي: واسعا لا حجر فيه، على أنّ النصب على
(٢) روح البيان.