معناه: تقول (١) الملائكة حرامًا محرمًا أن يدخل الجنة إلا من قال: لا إله إلا الله محمد رسول الله، وقيل: إذا خرج الكفار من قبورهم تقول لهم الملائكة: حرامًا محرمًا عليكم أن تكون لكم البشرى.
وقرأ الجمهور: ﴿حِجْرًا﴾ - بكسر الحاء -، وقرأ أبو رجاء والحسن والضحاك وقتادة ومعاذ القارئ: ﴿حُجرا﴾ - بضم الحاء -، وقرىء أيضًا بفتحها كما في "المراح". والمعنى؛ أي: (٢) يوم يرى هؤلاء المجرمون الملائكة، فلا بشرى لهم بخير؛ إذ يقولون لهم: ﴿حِجْرًا مَحْجُورًا﴾؛ أي: محرم عليكم البشرى بالغفران والجنة؛ أي: جعلهما الله تعالى حرامًا عليكم؛ إذ هما لا يكونان إلّا لمن أعترف بوحدانية الله تعالى، وصدق رسوله.
والخلاصة: لا بشرى يومئذ للكافرين، وتقول لهم الملائكة: حرام أن نبشركم بما نبشر به المتقين.
٢٣ - ثم بين السبب في وبالهم وخسرانهم، فقال: ﴿وَقَدِمْنَا﴾؛ أي: عمدنا وقصدنا ﴿إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ﴾؛ أي: إلى ما عمل الكفار في الدنيا من أعمال الخير التي لو عملوها مع الإيمان لنالوا ثوابها من صلة رحم وإغاثة ملهوف، وقرى ضيف وفك أسير، وإكرام يتيم مثلًا؛ أي: قصدنا إلى إبطالها في الآخرة ﴿فَجَعَلْنَاهُ﴾؛ أي: فجعلنا عملهم ذلك ﴿هَبَاءً﴾؛ أي: غبارًا ﴿مَنْثُورًا﴾؛ أي: مفرقًا؛ أي: كالهباء المنثور في الحقارة وعدم الانتفاع بها؛ أي: تعلقت إرادتنا أزلًا بإبطال ثوابها، فأظهرنا بطلانها في الآخرة. والقدوم في الأصل عبارة عن مجيء المسافر بعد مدة ولكن المراد هنا إراد الله سبحانه. والهباء: هو ما يدخل من الكوة مع ضوء الشمس يشبه الغبار، فلا يمس بالأيدي، ولا يرى في الظل. والمنثور: المفرق المنعدم كما سيأتي. ووصفه بالمنثور؛ لأن الهباء تراه منتظمًا مع الضوء، فإذا حركته الريح رأيته قد تناثر وذهب.

(١) الخازن.
(٢) المراغي.


الصفحة التالية
Icon