اطمئنان النفس وبرد اليقين:
١ - ﴿قَالُوا﴾؛ أي: السحرة المؤمنون ﴿لَا ضَيْرَ﴾؛ أي: لا ضرر علينا في تنفيذ وعيدك، ولا نبالي به؛ لأن كل حي لا محالة ميت:
وَمَنْ لَمْ يَمُتْ بِالسَّيْفِ مَاتَ بِغَيْرِهِ | تَعَدَّدَتِ الأسْبَابُ وَالْمَوْتُ وَاحِدُ |
والمعنى: أي (١) لا ضرر علينا فيما يلحقنا من عذاب الدنيا، فإن ذلك يزول ويذهب، وننقلب بعده إلى ربنا فيعطينا من النعيم الدائم ما لا يحد ولا يوصف، قال الهروي: لا ضير، ولا ضرر، ولا ضرّ بمعنى واحد، وأنشد أبو عبيدة:
فَإِنَّكَ لاَ يَضُرُّكَ بَعْدَ حَوْلٍ | أَظَبْيٌ كَانَ أُمّكَ أَمْ حِمَارُ |
٢ - ٥١ ﴿إِنَّا نَطْمَعُ﴾ ونرجوا ﴿أَنْ يَغْفِرَ لَنَا رَبُّنَا خَطَايَانَا﴾ السالفة من الشرك وغيره، ثم عللوا هذا بقولهم: ﴿أَنْ كُنَّا أَوَّلَ الْمُؤْمِنِينَ﴾ بفتح همزة ﴿أَن﴾، والجملة في المعنى تعليل ثان لنفي الضير، أو تعليل للعلة المتقدمة كما في "البيضاوي"؛ أي: لأن كنا أول المؤمنين بموسى من أتباع فرعون، أو من أهل المشهد بعد ظهور الآية، وقال الفراء: أول مؤمني زمانهم. وأنكره الزجاج وقال: قد روي أنه آمن معهم ست مئة ألف وسبعون ألفًا؛ وهم الشرذمة القليلون الذين عناهم فرعون بقوله: ﴿إِنَّ هَؤُلَاءِ لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ (٥٤)﴾، وأجاز الفراء والكسائي كسر همزة إن على أن يكون مجازاة، والمعنى؛ أي: ولأنا نأمل أن يغفر لنا ربنا ما فعلنا من
(١) الشوكاني.