ورويثا وزوجته المؤمنة ﴿مِنْ قَرْيَتِكُمْ﴾ سذوم.
وقرأ الحسن وابن إسحاق برفع ﴿جوابُ﴾ على أنه اسم ﴿كَانَ﴾ وخبرها ما بعده؛ أي: فلم يكن جواب قومه إلا قولهم، والأول أولى. ثم عللوا ما أمروا به بعضهم بعضًا من الإخراج بقولهم: ﴿إِنَّهُمْ﴾؛ أي: إن آل لوط ﴿أُنَاسٌ﴾ جمع إنس، والناس مخفف منه، ﴿يَتَطَهَّرُونَ﴾؛ أي: يتنزهون عن أدبار الرجال، وعن جميع أفعالنا أو عن الأقذار، ويعدون أفعالنا قذرًا.
وعن ابن عباس - رضي الله عنهما -: قالوا ذلك استهزاء منهم بهم. وهذا الجواب (١) هو الذي صدر عنهم في المرة الأخيرة من مرات المواعظ بالأمر والنهي، لا أنه لم يصدر منهم كلام آخر غيره.
٥٧ - ﴿فَأَنْجَيْنَاهُ﴾؛ أي لوطًا ﴿وَأَهْلَهُ﴾ أي: بنتيه زعورا ورويثا وامرأته المؤمنة بأن أمرناهم بالخروج من القرية، ﴿إِلَّا امْرَأَتَهُ﴾ الكافرة المسماة بواهلة، لم ننجها بل ﴿قَدَّرْنَاهَا﴾ وقضينا كونها ﴿مِنَ الْغَابِرِينَ﴾ أي: من الباقين في العذاب، فلذا لم تخرج من القرية مع لوط، أو خرجت ومُسِخت حجرًا.
وقرأ الجمهور (٢): ﴿قَدَّرْنَا﴾ بتشديد الدال، وقرأ أبو بكر بتخفيفها، ومعنى القراءتين واحد مع دلالة زيادة البناء على زيادة المعنى.
٥٨ - ﴿وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ﴾ بعد قلب قريتهم، وجعل عاليها سافلها، أو على شذاذهم، ومن كان منهم في الأسفار، ﴿مَطَرًا﴾ غير معهود، وهو حجارة السجيل، والتأكيد بالمصدر يدل على شدة المطر، وأنه غير معهود، ﴿فَسَاءَ مَطَرُ الْمُنْذَرِينَ﴾؛ أي: بئس وقح مطر من أُنذر بعذاب الله فلم يخف منه، والمخصوص بالذم محذوف، تقديره: مطرهم هذا.
وحاصل معنى الآيات (٣): أي فلم يكن جوابهم للوط - إذ نهاهم عما أمره
(٢) البحر المحيط.
(٣) المراغي.