الرازي في "اللوامع": وهذا دليل على أن معرفة الرب في فطرة كل إنسان، وأنهم إن غفلوا في السراء.. فلا شك أنهم يلوذون إليه في حال الضراء. اهـ.
٦٦ - واللام (١) في قوله: ﴿لِيَكْفُرُوا بِمَا آتَيْنَاهُمْ﴾ وفي قوله: ﴿وَلِيَتَمَتَّعُوا﴾ لام كي، معللة بمحذوف معلوم من السياق، تقديره: فاجؤُوا المعاودة إلى الشرك ﴿لِيَكْفُرُوا﴾؛ أي: ليكونوا كافرين بما آتيناهم، وأعطيناهم من نعمة النجاة، التي حقها أن يشكروها ﴿وَلِيَتَمَتَّعُوا﴾؛ أي: ولينتفعوا باجتماعهم على عبادة الأصنام، وتوادّهم عليها، ويجوز أن تكون في كليهما لام أمر، ومعناه التهديد، كما في ﴿اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ﴾؛ أي: اكفروا بما أعطيناكم من النعمة، وتمتعوا، ويدل على هذا الوجه الأخير، قراءة أبيّ ﴿وتمتعوا﴾ واحتمالها للأمرين، إنما هو على قراءة أبي عمرو، وابن عامر، وعاصم، وورش: بكسر اللام، وأما على قراءة الجمهور: بسكونها فلا خلاف أنها لام الأمر، وقولنا: لام كي فيه شيء، لأنه ليس الحامل لهم على الإشراك قصد الكفر، والظاهر: أنها لام العاقبة والمآل، كما أشار له "الشهاب".
فائدة (٢): قال الشيخ الشهير، بزورق الفارسي في "شرح حزب البحر": ومن أوراد البحر: الحي القيوم، ويقول عند ركوب السفينة: ﴿بِسْمِ اللَّهِ مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا إِنَّ رَبِّي لَغَفُورٌ رَحِيمٌ﴾، ﴿وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ (٦٧)﴾. فإنه أمان من الغرق. انتهى. اقتداة بنوح - عليه السلام - وكذا يقال في كل مركوب غير حيوان، كالسيارة، والباخرة، والطائرة إلى غير ذلك.
وفي قوله: ﴿فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ﴾ تهديد عظيم لهم؛ أي: فسيعلمون عاقبة ذلك، وما فيه من الوبال عليهم، حين يرون العذاب يوم القيامة.

(١) الشوكاني.
(٢) روح البيان.


الصفحة التالية
Icon