أبي طالب؛ أي: فارقوا دينهم الذي يجب اتباعه، وهو التوحيد؛ أي: ولا تكونوا من المشركين، الذين بدلوا دين الفطرة وغيروه، وكانوا في ذلك فرقًا مختلفة، كلها جاذبت الحق، وركنت إلى الباطل، كاليهود والنصارى والمجوس وعبدة الأوثان وسائر الأديان الباطلة.
والخلاصة: أن أهل الأديان قبلنا، اختلفوا فيما بينهم على مذاهب ونحلٍ باطلة، كل منها تزعم أنها على شيء.
﴿كُلُّ حِزْبٍ﴾ وطائفة وجماعة من هؤلا الذين فارقوا دينهم الحق وأحدثوا من البدع ما أحدثوا، ﴿بِمَا لَدَيْهِمْ﴾؛ أي: بما عندهم من الدين المعوج، المؤسس على الزيغ والزعم الباطيل ﴿فَرِحُونَ﴾؛ أي: مسرورون راضون، ظنًا منهم أنه الحق والصواب لا يعدوهم إلى غيرهم من النحل، والمذاهب الأخرى.
٣٣ - ﴿وَإِذَا مَسَّ﴾ وأصاب ﴿النَّاسَ﴾؛ أي: أهل مكة ﴿ضُرٌّ﴾؛ أي: ضرر وشدة وسوء حال، كجوع ووباء وقحط وفقر وغير ذلك من أنواع البلاء ﴿دَعَوْا رَبَّهُمْ﴾ أن يرفع ذلك عنهم، واستغاثوا به حال كونهم ﴿مُنِيبِينَ إِلَيْهِ﴾ سبحانه وتعالى؛ أي: راجعين إليه من دعاء غيره، ملتجئين به، لا يعولون على غيره، لسلمهم أنه لا فرج عند الأصنام، ولا يقدر على كشف ذلك عنم غير الله، وقيل: مقبلين إليه بكل قلوبهم.
والمعنى (١): أي وإذا مس هؤلاء المشركين الذين يجعلون مع الله إلهًا آخر ضر، فأصابهم جدب وقحط مثلًا.. أخلصوا لربهم التوحيد، وأفردوه بالتضرع إليه، واستغاثوا به منيبين إليه، تائبين من شركهم وكفرهم.
﴿ثُمَّ إِذَا أَذَاقَهُمْ﴾ ومنحهم ﴿مِنْهُ﴾؛ أي: من عنده سبحانه ﴿رَحْمَةً﴾؛ أي: خلاصًا وعافيةً من الضر النازل بهم بإجابة دعائهم، وذلك بالخصب والغنى والعافية مثلًا ﴿إِذَا﴾: فجائية، وقعت في جواب الشرط؛ لأنها كالفاء في إفادة

(١) المراغي.


الصفحة التالية
Icon