﴿فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ﴾ في الآخرة إذا وردتم علي عاقبة تمتعكم، وما يصيبكم من شديد عذابي، وعظيم عقابي على كفركم بي في الدنيا.
روي عن بعض السلف أنه قال: والله لو توعدني حارس درب.. لخفت فيه، فكيف والمتوعد هو الله، الذي يقول للشيء: كن فيكون.
وقرأ الجمهور (١): ﴿فَتَمَتَّعُوا فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ﴾ بالتاء فيهما، وقرأ أبو العالية: ﴿فيمتعوا﴾ بالياء مبنيًا للمفعول، وهو معطوف على ﴿لِيَكْفُرُوا﴾ ﴿فسوف يعلمون﴾ بالياء على التهديد لهم، وعن أبي العالية: بياء قبل التاء عطف أيضًا على ﴿لِيَكْفُرُوا﴾؛ أي: لتطول أعمارهم على الكفر، وعنه عن عبد الله: ﴿فليتمتعوا﴾ باللام. وقال هارون: وفي مصحف عبد الله: ﴿يُمتعوا﴾.
٣٥ - ثم أنكر على المشركين ما اختلقوه من عبادة غيره تعالى بلا دليل، فقال: ﴿أَمْ أَنْزَلْنَا عَلَيْهِمْ سُلْطَانًا﴾ و ﴿أَمْ﴾: منقطعة تقدر ببل الإضرابية، وهمزة الاستفهام الإنكاري المضمن لتوبيخ؛ أي: بل: أأنزلنا على هؤلاء المشركين حجة واضحة كالكتاب ﴿فَهُوَ﴾؛ أي: ذلك السلطان ﴿يَتَكَلَّمُ﴾ تكلم دلالة ﴿بِمَا كَانُوا بِهِ﴾ تعالى ﴿يُشْرِكُونَ﴾؛ أي (٢): بإشراكهم به تعالى، وصحته على أن ﴿ما﴾ مصدرية، أو بالأصنام التي يشركون به تعالى في ألوهيته على أنها موصولة، وهي أولى من جعلها مصدرية، لوجود العائد، والمراد بالاستفهام، النفي والإنكار، أي: لم ننزل عليهم ذلك، ويجوز أن تكون الباء سببية؛ أي: بالأمر الذي بسببه يشركون.
والمعنى (٣): أي أأنزلنا على هؤلاء الذين يشركون في عبادتنا الآلهة والأصنام، كتابًا فيه تصديق لما يقولون، وإرشاد إلى حقيقة ما يدعون، وإجمال القصد: أنه لم ينزل بما يقولون كتابًا، ولا أرسل به رسولًا، وإنما هو شيء افتعلوه اتباعًا لأهوائهم.

(١) البحر المحيط.
(٢) روح البيان.
(٣) المراغي.


الصفحة التالية
Icon