الجارود وابن جرير.
وأخرج (١) مسلم وأحمد والنسائي من طريق أبي الزبير عن جابر قال: أقبل أبو بكر يستأذن على رسول الله - ﷺ -، فلم يؤذن له، ثم أقبل عمر فاستأذن فلم يؤذن له، ثم أذن لهما فدخلا، والنبي - ﷺ - جالس وحوله نساؤه وهو ساكت، فقال عمر: لأكلمن النبي - ﷺ - لعله يضحك، فقال عمر: يا رسول الله لو رأيت ابنة زيد امرأة عمر، سألتني النفقة آنفًا فوجأت عنقها، فضحك النبي - ﷺ - حتى بدا ناجده، وقال: من حولي يسألنني النفقة آنفًا، فقام أبو بكر، إلى عائشة ليضربها، وقام عمر إلى حفصة، كلاهما يقول: تسألان النبي - ﷺ - ما ليس عنده، وأنزل الخيار فبدأ بعائشة، فقال النبي - ﷺ -: "إني ذاكر لك أمرًا، ما أحب أن تتعجلي فيه، حتى تستأمري أبويك" قالت: ما هو؟ فتلا عليها: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ...﴾ الآية. قالت عائشة: أفيك أستأمر أبوي؟ بل اختار الله ورسوله.
التفسير وأوجه القراءة
١٨ - ﴿قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الْمُعَوِّقِينَ مِنْكُمْ﴾: ﴿قد﴾ (٢) فيه لتأكيد العلم بالتعويق، ومرجع العلم إلى توكيد الوعيد، والتعويق: التثبيط، يقال: عاقه وعوقه: إذا صرفه عن الوجه الذي يريده، كما سيأتي. ومنه عوائق الدهر، والخطاب فيه لمن أظهر الإيمان مطلقًا.
والمعنى: قد علم الله سبحانه المثبطين للناس عن نصرة رسول الله - ﷺ -، الصارفين عن طريق الخير، وهم المنافقون أيًا من كان منهم.
﴿وَالْقَائِلِينَ لِإِخْوَانِهِمْ﴾ من منافقي المدينة، فالمراد: الأخوة في الكفر والنفاق ﴿هَلُمَّ إِلَيْنَا﴾؛ أي: احضروا وارجعوا إلينا، ودعوا محمدًا - ﷺ -، فلا تشهدوا معه الحرب، فإنا نخاف عليكم الهلاك، وهذا يدل على أنهم عند هذا القول

(١) مسلم.
(٢) روح البيان.


الصفحة التالية
Icon