كأنه قال: أعد لكن، لأن من أراد الله ورسوله والدار الآخرة كان محسنًا. ﴿أَجْرًا﴾؛ أي: ثوابًا ﴿عَظِيمًا﴾؛ أي: كبيرًا في ذاته، حسنًا في صفاته، باقيًا في أوقاته.
والمعني (١): أي وإن كنتن تردن رضا الله ورضا رسوله، وثواب الدار الآخرة.. فأطعنهما، فإن الله أعد للمحسنات منكن في أعمالهن القولية والفعلية ثوابًا عظيمًا، تستحقر الدنيا وزينتها دونه كفاء إحسانهن.
والخلاصة: أنتن بين أحد أمرين: أن تقمن مع الرسول وترضين بما قسم لكن، وتطعن الله، وأن يمتعكن ويفارقكن إن لم ترضين بذلك.
٣٠ - وبعد أن خيرهن واخترن الله ورسوله، أتبع ذلك بعظتهن وتهديدهن إذا هن فعلن ما يسوء النبي - ﷺ -، وأوعدهن بمضاعفة العذاب فقال: ﴿يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ﴾ الكريم، توجيه (٢) الخطاب إليهن لإظهار الاعتناء بنصحهن، ونداؤهن هاهنا وفيما بعده بالإضافة إليه - ﷺ -؛ لأنها التي يدور عليها ما يرد عليهن من الأحكام ﴿مَنْ يَأْتِ﴾ ويفعل ﴿مِنْكُنَّ بِفَاحِشَةٍ﴾؛ أي: بسيئةٍ بليغةٍ في القبح، وهي الكبيرة، وقد عصمهن الله عن ذلك وبرأهن وطهرهن.
وقرأ زيد بن علي والجحدري وعمرو بن فائد الأسواري ويعقوب (٣): ﴿تأت﴾ بتاء التأنيث، حملًا، على معنى ﴿من﴾، والجمهور: بالياء، حملًا على لفظ ﴿من﴾ ﴿مُبَيِّنَةٍ﴾ قرىء بكسر الياء، وقرىء بفتحها كما مر في سورة النساء؛ أي: ظاهرة القبح، من بين بمعنى تبين، قيل: هذا كقوله تعالى: ﴿لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ﴾ لا أن منهن من أتت بفاحشة؛ أي: معصية ظاهرة.
قال أبو حيان: ولا يتوهم أنها الزنا لعصمة رسول الله - ﷺ - من ذلك، لأنه وصفها بالتبيين والزنا مما يتستر به، وينبغي أن تحمل الفاحشة على عقوق الزوج وفساد عشرته. انتهى.
(٢) روح البيان.
(٣) البحر المحيط.