واعلم: أن السواك والتعطر والنكاح ونحوها من سنن الأنبياء عليهم السلام، وليس لنا عبادة شرعت من عهد آدم إلى الآن، ثم تستمر تلك العبادة في الجنة إلا الإيمان والنكاح، وقيل: المعنى: وكفى الله ناصرًا ومعينًا وحافظًا لأعمال عباده، ومحاسبًا لهم عليها، أو المعنى: وكفى بالله حاضرًا في كل مكان، يكفي عباده كل ما يخافونه.
٤٠ - ولما تزوج النبي - ﷺ - زينب.. قال الناس: تزوج محمد امرأة ابنه، فأنزل الله سبحانه: ﴿مَا كَانَ مُحَمَّدٌ﴾ - ﷺ - بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم. والمختار: أنه لا يشترط في الإِسلام معرفة أب النبي - ﷺ - واسم جده، بل يكفي فيه معرفة اسمه الشريف، كما في "هداية المريدين"، يقال: فلان محمود، إذا حمد، ومحمد: إذا كثرت خصاله المحمودة، كما في "المفردات". قال زكريا في "شرح المقدمة الجزرية": هو البليغ في كونه محمودًا، وهو الذي حمدت عقائده وأفعاله وأقواله وأخلاقه، سماه به جده عبد المطلب بإلهام من الله سبحانه في سابع ولادته، فقيل له: لِمَ سميت محمدًا، وليس من أسماء آبائك ولا قومك؟ فقال: رجوت أن يحمد في السماء والأرض، وقد حقق الله رجاءَه وتفاؤله.
﴿أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ﴾؛ أي (١): ليس باب لزيد بن حارثة على الحقيقة حتى تحرم عليه زوجته، ولا هو أب لأحد لم يلده. قال الواحدي: قال المفسرون: لم يكن أبا أحد لم يلده، وقد ولد له من الذكور من خديجة ثلاثة: القاسم، والطيب، والطاهر، وماتوا صغارًا لم يبلغ أحد منهم الحلم، وولد له إبراهيم من مارية القبطية، ومات رضيعًا، وولد له من خديجة أربع بنات: زينب ورقية وأم كلثوم وفاطمة، والثلاث الأول متن في حياته - ﷺ -، وماتت فاطمة بعد أن قبض - ﷺ - إلى الرفيق الأعلى بستة أشهر. قال القرطبي: ولكن لم يعش له ابن حتى يصير رجلًا. قال: وأما الحسن والحسين، فكانا طفلين، ولم يكونا رجلين معاصرين له - ﷺ -.
ولا ينتقض عموم أحد في قوله: ﴿أَبَا أَحَدٍ﴾ بكونه أبًا للطاهر والقاسم وإبراهيم؛ لأنهم لم يبلغوا مبلغ الرجال؛ لأن الرجل هو الذكر البالغ من بني آدم، ولو بلغوا لكانوا رجاله لا رجالهم، وكذا الحسن والحسين، كما مر آنفًا.
﴿وَلَكِنْ﴾ كان محمد - ﷺ - ﴿رَسُولَ اللَّهِ﴾؛ أي: رسولًا من رب العالمين إلى