والمعنى (١): زال الشرك وذهب، بحيث لم يبقَ أثره أصلًا، مأخوذ من هلاك الحي، فإنه إذا هلك لم يبقَ له إبداء ولا إعادة، فجعل مثلًا في الهلاك بالكلية، وقيل: الباطل هو إبليس، والمعنى: لا يخلق إبليس أحدًا ابتداءً، ولا يبعثه، إذا مات إعادةً، وقيل: الباطل هو الأصنام؛ أي: لا تخلق أحدًا ابتداءً، ولا تعيد بعثًا للأموات.
روى ابن مسعود رضي الله عنه: أن النبي - ﷺ - دخل مكة، وحول الكعبة ثلاث مئة وستون صنمًا، فجعل يطعهنا بعود في يده، ويقول: " ﴿وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا (٨١)﴾، ﴿قُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَمَا يُبْدِئُ الْبَاطِلُ وَمَا يُعِيدُ (٤٩)﴾ ".
والمعنى: أي قل (٢): جاء الإِسلام، ورفعت رايته، وعلا ذكره، وذهب الباطل، فلم تبقَ منه بقيّة تبدىء شيئًا أو تعيده، وأصله في هلاك الحيّ، فإنه إذا هلك لم يبق له إبداءٌ؛ أي: فعل أمر ابتداء ولا إعادة؛ أي: فعله ثانيًا، وأنشدوا لعبيد بن الأبرص.
أَقْفَرَ مِنْ أَهْلِهِ عُبَيْدُ | فَالْيَوْمَ لَا يُبْدِيء وَلَا يُعِيْدُ |
وفيه (٣): إشارة إلى أنّ منشأ الضلالة نفس الإنسان، فإذ أوكلت النفس إلى
(٢) المراغي.
(٣) روح البيان.