حاجة، والجنة طيّبة ليس فيها أذى، قال عليه السلام: «حاجة أحدهم عرق كريح المسك».
وجملة قوله: ﴿وَلَهُمْ فِيها﴾؛ أي: في الجنة ﴿أَزْواجٌ﴾؛ أي: نساء وحور.
معطوفة على جملة قوله: ﴿تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ﴾. على كونها صفة لجنات؛ أي: وبشّر الذين آمنوا وعملوا الصالحات، بأنّ لهم جنات تجري من تحتها الأنهار، وجنات لهم فيها أزواج. ﴿مُطَهَّرَةٌ﴾؛ أي: (١) مهذّبة منقّاة من الأحوال المستقذرة، كالحيض، والنفاس، والبول، والغائط، والمنيّ، والمخاط، والبلغم، والورم، والدّرن، والصّداع، وسائر الأوجاع، والولادة، ودنس الطبع، وسوء الخلق، وميل الطبع إلى غير الأزواج، وغير ذلك.
وقوله: ﴿مُطَهَّرَةٌ﴾ أبلغ من طاهرة ومتطهرة؛ للإشعار بأنّ مطهّرا طهّرهنّ، وما هو إلّا الله سبحانه وتعالى. وقرأ الجمهور (٢) ﴿مُطَهَّرَةٌ﴾ صفة للأزواج، مبنيّة على طهرت كالواحدة المؤنثة. وقرأ زيد بن علي ﴿مطهّرات﴾ فجمع بالألف والتاء على معنى: طهّرن. قال الزمخشري: وهما لغتان فصيحتان. يقال: النساء فعلن وهنّ فاعلات، والنساء فعلت وهي فاعلة. وقرأ عبيد بن عمير ﴿مُطَهَّرَةٌ﴾ بتشديد الطاء المفتوحة وتشديد الهاء المكسورة. أصله: متطهرة، وهي مناسبة لقراءة الجمهور. قال الحسن: هنّ عجائزكم العمص العمش طهّرن من قاذورات الدنيا. وقال ابن عباس - رضي الله عنهما -: (خلق الحور العين من أصابع رجليها إلى ركبتها من الزعفران، ومن ركبتيها إلى ثدييها من المسك الأذفر، ومن ثدييها إلى عنقها من العنبر الأشهب؛ أي: الأبيض، ومن عنقها إلى رأسها من الكافور، إذ أقبلت يتلألأ نور وجهها، كما يتلألأ نور الشمس لأهل الدنيا).
وجملة قوله: ﴿وَهُمْ فِيها خالِدُونَ﴾ حال من ضمير لهم؛ أي: ولهم فيها أزواج مطهّرة خالصة من الأدناس الحسية والمعنوية، حالة كونهم خالدين في تلك
(٢) البحر المحيط.