سماع القرآن فقال: إنا لنخشى الله، وما نسقط هؤلاء يدخل الشيطان في جوف أحدهم، وقالت أسماء بنت أبي بكر: كان أصحاب رسول الله - ﷺ - تدمع أعينهم، وتقشعر جلودهم عند سماع القرآن، قيل لها: إن قومًا اليوم إذا سمعوا القرآن، خر أحدهم مغشيًا عليه، فقالت: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، وقال ابن سيرين: بيننا وبين هؤلاء الذين يصرعون عند قراءة القرآن، أن يجعل أحدهم على حائط باسطا رجليه، ثم يقرأ عليه القرآن كله، فإن رمى بنفسه فهو صادق والإشارة في قوله ﴿ذلِكَ﴾ إلى الكتاب الموصوف بتلك الصفات، و ﴿هُدَى اللَّهِ﴾ خبره؛ أي: ذلك الكتاب الذي شرح أحواله هدى الله سبحانه ﴿يَهْدِي بِهِ﴾؛ أي: بذلك الكتاب ﴿مَنْ يَشاءُ﴾ أن يهديه من المؤمنين المتقين كما قال: ﴿هُدىً لِلْمُتَّقِينَ﴾ لصرف مقدوره إلى الاهتداء، بتأمله فيما في تضاعيفه من الشواهد الخفية، ودلائل كونه من عند الله تعالى، أو إلى ذينك الوصفين من الاقشعرار واللين؛ أي: ذلك المذكور أثر هداية الله تعالى؛ أي: ذلك الخوف من عذاب الله، والرجاء في رحمته علامة هداية الله، وتوفيقه للإيمان.
﴿وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ﴾؛ أي: يخلق فيه الضلالة لصرف قدرته إلى مباديها، وإعراضه عما يرشده إلى الحق بالكلية، وعدم تأثره بوعده ووعيده أصلًا ﴿فَما لَهُ﴾؛ أي: لذلك الضال ﴿مِنْ هادٍ﴾ يهديه إلى الحق، ويخلصه من ورطة الضلال. وفي «التأويلات النجمية»: ﴿وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ﴾ بأن يكله إلى نفسه وعقله، ويحرمه من الإيمان بالأنبياء ومتابعتهم، وقرأ الجمهور: ﴿مِنْ هادٍ﴾ بغير ياء. وقرأ ابن كثير، وابن محيصن بالياء.
٢٤ - والهمزة (١) في قوله: ﴿أَفَمَنْ يَتَّقِي بِوَجْهِهِ﴾ للاستفهام الإنكاري، داخلة على محذوف معلوم من السياق، والفاء عاطفة على ذلك المحذوف، و ﴿مَنْ﴾ موصولة، والخبر محذوف، والتقدير: أكل الناس سواء، فمن شأنه وهو الكافر أن يتقي نفسه، ويحفظها بوجهه الذي هو أشرف أعضائه. ﴿سُوءَ الْعَذابِ﴾؛ أي:

(١) روح البيان.


الصفحة التالية
Icon