ووجه ذلك: أن ﴿السموات﴾ معطوفة على ﴿وَالْأَرْضُ﴾، وتكون ﴿قَبْضَتُهُ﴾ خبرًا عن ﴿الأرضُ﴾ ﴿وَالسَّمَاوَاتُ﴾ وتكون ﴿مَطْوِيَّاتٌ﴾ حالًا أو تكون ﴿مطويات﴾ منصوبة بفعل مقدر، و ﴿بِيَمِينِهِ﴾ الخبر.
ثم نزه سبحانه نفسه فقال: ﴿سُبْحَانَهُ﴾؛ أي: تنزيهًا له تعالى عن كل ما ينسبونه إليه من الصاحبة والولد، ﴿وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ﴾؛ أي: وترفع عن شركة ما يشركونه به من المعبودات التي يعبدونها ويجعلونها شركاء له، مع هذه القدرة العظيمة، والحكمة الباهرة، أي: ما أبعد وما أعلى من هذه قدرته وعظمته عن إشراكهم، أو عما يشركونه به من الشركاء، فما على الأول مصدرية، وعلى الثاني موصولة.
٦٨ - ﴿وَنُفِخَ فِي الصُّورِ﴾؛ أي: نفخ إسرافيل في الصور النفخة الأولى، التي هي للإماتة، فالمراد بها: النخفة الأولى، بقرينة النفخة الآتية، التي هي للبعث، والنفخ: نفخ الريح في الشيء، يقال: نفخ بفمه: أخرج منه الريح.
والنفخ في القرآن على خمسة أوجه (١):
الأول: نفخ جبرائيل عليه السلام في حبيب مريم عليها السلام، كما قال تعالى: ﴿فَنَفَخْنَا فِيهِ مِنْ رُوحِنَا﴾؛ أي: نفخ جبرائيل في الجيب بأمرنا، فسبحان من أحبل رحم امرأة، وأوجد فيها ولدًا بنفخ جبرائيل.
والثاني: نفخ عيسى عليه السلام في الطين، كما قال تعالى: ﴿فَأَنْفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِ اللَّهِ﴾ وهو الخفاش، فسبحان من حول الطين طيرًا بنفخ عيسى عليه السلام.
والثالث: نفخ الله تعالى في طين آدم عليه السلام، كما قال تعالى: ﴿وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي﴾؛ أي: أمرت الروح بالدخول فيه، والتعلق به، فسبحان من أنطق لحمًا، وأبصر شحمًا، وأسمع عظمًا، وأحيا جسدًا بروح منه.
والرابع: نفخ ذي القرنين الحديد في النار، كما قال تعالى حكاية عنه: ﴿قَالَ انْفُخُوا﴾ الآية، فسبحان من حول قطعة حديد نارًا بنفخ ذي القرنين.