﴿ثُمَّ﴾ بعد الجر بالسلاسل إلى الحميم ﴿فِي النَّارِ يُسْجَرُونَ﴾؛ أي: يحرقون بالنار، وهي محيطة بهم، من سجر التنور: إذا ملأه بالوقود، ومن كانوا في النار وكانت هي محيطة بهم، وصارت أجوافهم مملوءة بها، لزم أن يحرقوا بها على أبلغ الوجوه، فهم يملؤون بالنار كائنين فيها ويحرقون، والمراد: بيان أنهم يعذبون بأنواع العذاب، وينقلون من لون إلى لون.
حكي: أنه توفيت النوارة - امرأة الفرزدق - فخرج في جنازتها وجوه أهل البصرة، وخرج فيها الحسن البصري، فقال الحسن للفرزدق: يا أبا فراس، ما أعددت لهذا اليوم؟ قال: شهادة أن لا إله إلا الله منذ ثمانين سنة، فلما دفنت.. قام الفرزدق على قبرها وأنشد هذه الأبيات:
أَخَافُ وَرَاءَ الْقَبْرِ إِنْ لَمْ يُعَافِنِيْ | أَشَدَّ مِنَ القَبْرِ الْتِهَابًا وَأَضْيَقَا |
إِذَا جَاءَنِيْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ قَائِدٌ | عَنِيْفٌ وَسَوَّاقٌ يَسُوْقُ فَرَزْدَقَا |
لَقَدْ خَابَ مِنْ أَوْلَادِ آدَمَ مَنْ مَشَى | إِلَى النَّارِ مَغْلُولَ الْقِلَادَةِ أَزْرَقَا |
٧٣ - ثم ذكر أنهم يسألون سؤال تبكيت وتوبيخ عن آلهتهم التي كانوا يعبدونها، فقال: ﴿ثُمَّ﴾؛ أي: بعد الإحراق ﴿قِيلَ لَهُمْ﴾؛ أي: يقال لهم على سبيل التوبيخ والتقريع، وصيغة الماضي للدلالة على التحقق ﴿أَيْنَ مَا﴾؛ أي: أين الشركاء الذين ﴿كُنْتُمْ﴾ في الدنيا على الاستمرار ﴿تعبدون﴾ هم
٧٤ - ﴿مِنْ دُونِ اللَّهِ﴾ سبحانه وتعالى؛ رجاء شفاعتهم ادعوهم ليشفعوا لكم ويعينوكم، وهو نوع آخر من تعذيبهم ﴿قَالُوا﴾؛ أي: يقولون: ﴿ضَلُّوا عَنَّا﴾؛ أي: الشركاء؛ أي: غابوا ﴿عَنَّا﴾؛ أي: عن أعيننا، وإن كانوا قائمين؛ أي: غيرها لكين، من قول العرب: ضل المسجد والدار؛ أي: لم