والخزي الدائم، والعيش الضنك، والمحل المقض المضجع.
٣٩ - ثم حكى ما سيقال لهم حينئذ، توبيخًا وتأنيبًا، فقال: ﴿وَلَنْ يَنْفَعَكُمُ الْيَوْمَ﴾؛ أي: في هذا اليوم، يعني: يوم القيامة، فهو حكاية لما سيقال لهم حينئذ، من جهة الله تعالى، توبيخًا وتقريعًا؛ أي: لن ينفعكم اليوم تمنيكم لمباعدتهم ﴿إِذْ ظَلَمْتُمْ﴾؛ أي: لأجل ظلمكم أنفسكم في الدنيا، باتباعكم إياهم في الكفر والمعاصي، وإذ للتعليل، متعلق بالنفي، كما قال سيبويه، إنها بمعنى التعليل، حرف بمنزلة لام العلة ﴿أَنَّكُمْ﴾؛ أي: أنتم وشياطينكم ﴿فِي الْعَذَابِ مُشْتَرِكُونَ﴾ تعليل لنفي النفع؛ أي: لأن حقكم أن تشتركوا أنتم وشياطينكم القرناء في العذاب، كما كنتم في الدنيا مشتركين في سببه، ويؤيد هذا المعنى قراءة ابن عامر، على اختلاف عليه فيها، بكسر همزة ﴿إنّ﴾. وقرأ الجمهور: بفتح همزة ﴿إنّ﴾ على أنها وما بعدها في محل رفع على الفاعلية لينفعكم؛ أي: لن ينفعكم اليوم اشتراككم في العذاب، بمعنى لن يحصل لكم التشفي، يكون قرنائكم معذبين مثلكم، حيث كنتم تدعون عليهم بقولكم: ﴿رَبَّنَا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذَابِ وَالْعَنْهُمْ لَعْنًا كَبِيرًا (٦٨)﴾، ونظائره: لتشفوا بذلك، قال المفسرون: لا يخفف عنهم بسبب الاشتراك شيء من العذاب؛ لأن لكل أحد الكفار والشياطين الحظ الأوفر منه.
وفي الآية (١): إشارة إلى حال التابع والمتبوع، من أهل الأهواء والبدع، فإن المتبوع منهم، كان شيطان التابع في الإضلال عن طريق السنة، فلما فات الوقت وأدرك المقت، وقعوا في التمني الباطل، قيل:
فَضِّلِ الْيَوْمَ عَلَى الْغَدِ | إِنَّ لِلتَّأْخِيْرِ آفَاتِ |
ومعنى الآية: أي (٢) ولن ينفعكم في هذا اليوم اشتراككم في العذاب، أنتم
(٢) المراغي.