والمعنى (١): لكم فيها صنوف من الفواكه لا حصر لها، تأكلون منها حيثما شئتم، وكيفما اخترتم.
٧٤ - ولما ذكر سبحانه حال أهل الجنة، وما يقال لهم من لذائذ البشارة.. أعقب ذلك بذكر حال الكفرة، وما يجاوبون به عند سؤالهم فقال: ﴿إِنَّ الْمُجْرِمِينَ﴾؛ أي: إن المشركين الراسخين الكاملين في الإجرام والإشراك حسبما ينبىء عنه إيرادهم في مقابلة المؤمنين بالآيات ﴿فِي عَذَابِ جَهَنَّمَ﴾ متعلق بقوله: ﴿خَالِدُونَ﴾؛ أي: ماكثون فيه أبدًا لا ينقطع عذابهم في جهنم، كما ينقطع عذاب عصاة المؤمنين، على تقدير دخولهم فيها
٧٥ - ﴿لَا يُفَتَّرُ عَنْهُمْ﴾؛ أي: لا يخفف عنهم العذاب، ولا ينقص من قولهم: فترت عنه الحمى إذا سكنت قليلًا، ونقص حرها. والجملة في محل النصب على الحال ﴿وَهُمْ﴾؛ أي: المجرمون ﴿فِيهِ﴾؛ أي: في العذاب ﴿مُبْلِسُونَ﴾؛ أي: آيسون من النجاة والراحة، وخفة العقوبات، وعن الضحاك: يجعل المجرم في تابوت من النار، ثم يردم عليه فيبقي فيه خالدًا، لا يرى ولا يرى. وقيل: ساكتون سكوت بأس، وقرأ عبد الله ﴿وهم فيها﴾؛ أي: في جهنم، والجمهور ﴿وَهُمْ فِيهِ﴾؛ أي: في العذاب.
وفي "التأويلات النجمية": في الآية إشارة، إلى أن أهل التوحيد وإن كان بعضهم في النار، لكن لا يخلدون فيها، ويفتر عنهم العذاب بدليل الخطاب، وقد ورد في الخبر: "إنه يميتهم الحق إماتةً إلى أن يخرجهم من النار، والميت لا يحيى ولا يألم" وذكر في الآية وهم مبلسون؛ أي: خائبون، وهذه صفة الكفار، والمؤمنون وإن كانوا في بلائهم، فهم على وصف رجائهم، يعدون أيامهم إلى أن تنتهي أشجانهم
٧٦ - ﴿وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ﴾ بذلك؛ أي: ما عذبناهم بغير ذنب، ولا بزيادة على ما يستحقونه ﴿وَلَكِنْ كَانُوا﴾؛ أي: المجرمون ﴿هُمُ الظَّالِمِينَ﴾ لأنفسهم بما فعلوا من الإشراك والمعاصي لتعريض أنفسهم للعذاب الخالد، بالكفر والمعاصي. و ﴿هُمُ﴾ ضمير (٢) فصل عند البصريين، من حيث إنه فصل به بين كون ما بعده خبرًا أو

(١) المراغي.
(٢) روح البيان.


الصفحة التالية
Icon