لأنَّ الجمع المضاف من صيغ العموم، وإنما أمركم بإخراج القليل منها: وهو ربع العشر أو العشر، تؤدونها إلى فقرائكم، فطيبوا بها نفسًا، وقيل: المعنى: لا يسألكم أموالكم، إنما يسألكم أمثاله؛ لأنه أملك لها، وهو المنعم عليكم بإعطائها، وقيل: لا يسألكم الرسول أموالكم أجرًا على تبليغ الرسالة، كما في قوله: ﴿قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ﴾. والأول أولى.
٣٧ - ﴿إِنْ يَسْأَلْكُمُوهَا﴾؛ أي: إن يسأل الله سبحانه وتعالى إيّاكم أموالكم جميعًا ﴿فَيُحْفِكُمْ﴾؛ أي: يجهدكم، ويلحف عليكم بمسألة جميعها، يقال: أحفى بالمسألة، وألحف وألح بمعنى واحد، والإحفاء: الاستقصاء في الكلام، ومنه إحفاء الشارب؛ أي: استئصاله؛ أي: إزالته من أصله.
وجواب الشرط قوله: ﴿تَبْخَلُوا﴾ بها، فلا تعطوا؛ أي: إن يأمركم بإخراج جميع أموالكم.. تبخلوا بها، وتمتنعوا من الامتثال ﴿وَيُخْرِجْ﴾ الله سبحانه، ويعضده القراءة بنون العظمة، أو البخل؛ لأنّه سبب الإضغان ﴿أَضْغَانَكُمْ﴾؛ أي: أحقادكم معطوف على جواب الشرط، قال في "عين المعاني"؛ أي: يظهر أضغانكم عند الامتناع، وقيل: ويخرج ما في قلوبكم من حبّ المال، وهذه المرتبة لمن يوقى شح نفسه.
وقرأ الجمهور (١): ﴿وَيُخْرِجْ أَضْغَانَكُمْ﴾ جزمًا عطفًا على جواب الشرط، والفعل مسند إلى الله، أو إلى الرسول أو إلى البخل، وقرأ عبد الوارث عن أبي عمرو: ﴿ويخرج﴾ بالرفع على الاستئناف، بمعنى: وهو يخرج، وحكاها أبو حاتم عن عيسى، وفي "اللوائح": عن عبد الوارث عن أبي عمرو: ﴿ويَخْرُجُ﴾ بالياء التحتانية وفتحها، وضمّ الراء والجيم، ﴿أضغانكم﴾ بالرفع، بمعنى: وهو يخرج أو سيخرج أضغانكم رفع بفعله، وقرأ ابن عباس ومجاهد وابن سيرين وابن محيصن، وأيُّوب بن المتوكل، واليماني: ﴿وتَخْرُج﴾ بتاء التأنيث مفتوحة، ﴿أضغانكم﴾ رفع به، وقرأ يعقوب الحضرميّ: ﴿ونخرج﴾ بالنون وضم الجيم،

(١) البحر المحيط.


الصفحة التالية
Icon