من منابت شعورهم يسمع من كل شعرة، ولعل ذلك في الإعادة، مثل: كن في البدء، والله أعلم. وكل ذلك مما لا مستند له من نقلٍ.
وعبارة السمين: قوله: ﴿وَاسْتَمِعْ يَوْمَ يُنَادِ الْمُنَادِ﴾ هو استماع على بابه، وقيل: هو بمعنى الانتظار، وهو بعيد، فعلى الأول يجوز أن يكون المفعول محذوفًا؛ أي: استمع نداء المنادي، أو نداء الكافر بالويل والئبور، فعلى هذا يكون ﴿يَوْمَ يُنَادِ﴾ منصوبًا بيخرجون مقدرًا مدلولًا عليه بقوله: ﴿ذَلِكَ يَوْمُ الْخُرُوجِ﴾ وعلى الثاني يكون ﴿يَوْمَ يُنَادِ﴾ مفعولًا به؛ أي: انتظر ذلك اليوم. انتهى.
وقرأ ابن كثير (١) ﴿المنادي﴾ بالياء وصلًا ووقفًا، ونافع وأبو عمرو: بحذف الياء وقفًا، وعيسى وطلحة والأعمش وباقي السبعة: بحذفها وصلًا ووقفًا اتباعًا لخط المصحف، ومن أثبتها فعلى الأصل، ومن حذفها وقفًا فلأنَّ الوقف تغيير يبدل فيه التنوين ألفًا نصبًا، والتاء هاءً، ويشدد المخفف، ويحذف في القوافي.
٤٢ - ﴿يَوْمَ...﴾ إلخ. بدل من ﴿يَوْمَ يُنَادِ...﴾ إلخ. ﴿يَسْمَعُونَ﴾؛ أي (٢): الأرواح، وقيل: الأجساد؛ لأنه يمدها أربعين سنة، كما في "عين المعاني". ﴿الصَّيْحَةَ﴾ والصرخة، وهي صيحة البعث التي هي النفخة الثانية. ﴿بِالْحَقِّ﴾: إما حالٌ من الصيحة؛ أي: متلبسةً بالحق، أو من فاعل ﴿يَسْمَعُونَ﴾ أي: متلبسين بالحق، أو متعلق بـ ﴿يَسْمَعُونَ﴾ على أنَّ الباء للتعدية والعامل في الظرف: هو ما يدل عليه قوله: ﴿ذَلَكَ﴾ اليوم؛ أي: يوم النداء، وسماع صيحة النفخ ﴿يَوْمُ الْخُرُوجِ﴾ من القبور، وهو من أسماء يوم القيامة، وسمّي يوم العيد يوم الخروج أيضًا تشبيهًا به.
والمعنى: يوم يسمعون الصيحة متلبسةً بالحق الذي هو البعث، يخرجون من القبور إلى المحاسبة، ثم إلى إحدى الدارين، إما إلى الجنة، وإما إلى النار.
٤٣ - ﴿إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي وَنُمِيتُ﴾ في الدنيا بانقضاء الآجال من غير أن يشاركنا في ذلك أحد، أو نحيي في الآخرة ونميت في الدنيا، والجملة: مستأنفة لتقرير أمر
(٢) روح البيان.