يلبثوا أن طلع عليهم رجل أزرق أعور فقال حين رآه: علام تشتمني أنت وأصحابك؛ فقال: ذرني آتيك بهم، فحلفوا واعتذروا. فأنزل الله سبحانه: ﴿يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعًا فَيَحْلِفُونَ لَهُ كَمَا يَحْلِفُونَ لَكُمْ...﴾ الآية، والتي بعدها.
قوله تعالى: ﴿لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ...﴾ الآية، سبب نزولها: ما أخرجه ابن أبي حاتم، والطبراني، والحاكم، وأبو نعيم في "الحلية"، والبيهقي في "سننه" عن عبد الله بن شوذب قال: جعل والد أبي عبيدة بن الجراح يتصدى لأبي عبيدة يوم بدر، وجعل أبو عبيدة يحيد عنه، فلما أكثر.. قصده أبو عبيدة، فقتله. فنزلت هذه الآية: ﴿لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ...﴾ إلى آخرها.
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج، قال: حدثت أن أبا قحافة سبّ النبي - ﷺ -، فصكه أبو بكر صكة شديدة، فسقط. فذكر ذلك للنبي - ﷺ - فقال: "أوفعلته يا أبا بكر؟ فقال: والله لو كان السيف قريبًا مني.. لضربته به. فنزلت: ﴿لَا تَجِدُ قَوْمًا...﴾ الآية.
وقيل (١): نزلت في عبد الله بن عبد الله بن أبيّ ابن سلول؛ وذلك أنه كان جالسًا إلى جنب رسول الله - ﷺ -، فشرب رسول الله - ﷺ - ماء، فقال عبد الله: يا رسول الله، أبق فضلة من شرابك، قال: "وما تصنع بها"؟ قال: أسقيها أبي لعل الله سبحانه يطهر قلبه، ففعل، فأتى بها أباه، فقال: ما هذا؟ قال: فضلة من شراب رسول الله - ﷺ -، جئتك بها لتشربها، لعل الله يطهر قلبك، فقال: هلا جئتني ببول أمك؟ فرجع إلى رسول الله - ﷺ - فقال: يا رسول الله، ائذن لي في قتل أبي، قال: فقال رسول الله - ﷺ -: "ارفق به، وأحسن إليه". فنزلت هذه الآية. قاله السدي.
وقيل: نزلت في حاطب بن أبي بلتعة حين كتب إلى أهل مكَّة يخبرهم أن رسول الله - ﷺ - قد عزم على قصدهم، قاله مقاتل، واختاره الفراء والزجاج.
التفسير وأوجه القراءة
١٤ - ﴿أَلَمْ تَرَ﴾: تعجيب (٢) من حال المنافقين الذين يتخذون اليهود أولياء،

(١) زاد المسير.
(٢) روح البيان.


الصفحة التالية
Icon