سورة الجن
سورة الجنّ مكيّة، قال القرطبيّ في قول الجميع: نزلت بعد سورة الأعراف. وأخرج ابن الضريس والنحاس، وابن مردويه، والبيهقي عن ابن عباس قال: نزلت سورة الجن بمكة، وأخرج ابن مردويه عن عائشة، وابن الزبير مثله.
وهي ثمان وعشرون آية. وكلماتها (١): مئتان وخمس وثمانون كلمة. وحروفها: ثمان مئة وسبعون حرفا.
ومناسبتها لما قبلها من وجوه (٢):
١ - أنّه جاء في السورة السابقة ﴿اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ﴾ وجاء في هذه السورة ﴿وَأَلَّوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقًا (١٦)﴾.
٢ - أنه ذكر في هذه السورة شيء يتعلق بالسماء كالسورة التي قبلها.
٣ - أنه ذكر عذاب من يعصي الله سبحانه في قوله: ﴿وَمَنْ يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا﴾، وذكر هناك مثله في قوله: ﴿أُغْرِقُوا فَأُدْخِلُوا نَارًا﴾.
وقال أبو حيان (٣): مناسبة هذه السورة لما قبلها: أنه لما حكى تمادي قوم نوح في الكفر وعكوفهم على عبادة الأصنام، وكان عليه السلام أول رسول إلى أهل الأرض كما أن محمدًا - ﷺ - آخر رسول إلى أهل الأرض. والعرب الذين هو منهم كانوا عباد أصنام كقوم نوح حتى إنهم عبدوا أصنامًا مثل أصنام أولئك في الأسماء، وكان ما جاء به محمد - ﷺ - من القرآن هاديًا إلى الرشد، وقد سمعته العرب، وتوقّف عن الإيمان به أكثرهم. أنزل الله تعالى سورة الجن إثر سورة نوح تبكيتًا لقريش والعرب في كونهم تباطؤوا عن الإيمان؛ إذ كانت الجن خيرًا منهم، وأقبل للإيمان بهذا، وهم من غير جنس الرسول - ﷺ -، ومع ذلك فبنفس ما سمعوا القرآن استعظموه

(١) الخازن.
(٢) المراغي.
(٣) البحر المحيط.


الصفحة التالية
Icon