لَقُلْتُ مِنَ القَوْلِ مَا لَا يَزَا | لُ يُؤْثَرُ عَنِّيْ بِهِ الْمُسْنَدُ |
٢٦ - ثم ذكر ما يلقاه من الجزاء على سوء صنيعه وفظيع عمله، فقال: ﴿سَأُصْلِيهِ﴾؛ أي: سأدخل ذلك العنيد يوم القيامة نار سقر، وأغمره فيها من جميع جهاته. قال في "الصّحاح": سقر اسم من أسماء النار. وقال ابن عباس رضي الله عنهما: اسم للطبقة السادسة من جهنم، يقال: سقرته الشمس إذا آذته وآلمته، وسميت سقر لإيلامها. وقوله: ﴿سَأُصْلِيهِ سَقَرَ (٢٦)﴾ بدل من ﴿سَأُرْهِقُهُ صَعُودًا (١٧)﴾ بدل الاشتمال سواء جعل مثلًا لما يلقى من الشدائد، أو اسم جبل من نار؛ لأنّ سقر تشتمل على كل منهما.
٢٧ - ثم بالغ في وصف النار وتعظيم شأنها، فقال: ﴿وَمَا أَدْرَاكَ مَا سَقَرُ (٢٧)﴾ ما (١) الأولى مبتدأ وجملة ﴿أَدْرَاكَ﴾ خبره، و ﴿ما﴾ الثانية خبر مقدم لقوله: ﴿سَقَرَ﴾ لأنّها المفيدة لما قصد إفادته من التهويل والتفظيع دون العكس، كما سبق في الحاقّة.
والمعنى: وأيّ شيء أعلمك يا محمد جواب ﴿مَا سَقَرُ﴾ في وصفها، لأنّها قد بلغت في الوصف حدًّا لا يمكن معرفته، ولا يتوصّل إلى إدراك حقيقته. يعني: أنه خارج عن دائرة إدراك العقول، ففيه تعظيم لشأنه.
٢٨ - ثم بين وصفها بقوله: ﴿لَا تُبْقِي﴾ لهم لحما ﴿وَلَا تَذَرُ﴾ لهم عظمًا، فإذا أعيد أهلها خلقًا جديدًا فلا تذرهم بل تعيد إحراقهم كرّة أخرى، وهكذا أبدًا كما جاء في الآية الأخرى: ﴿كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ﴾.
وعبارة "الروح": قوله: ﴿لَا تُبْقِي وَلَا تَذَرُ (٢٨)﴾ بيان لوصفها وحالها، وإنجاز
(١) روح البيان.