إذا تولى ذاهبًا. وقرأ الحسن أيضًا، وأبو رزين، وأبو رجاء، وابن يعمر أيضًا، والسلميّ، وطلحة أيضًا، والأعمش، ويونس بن عبيد، ومطر ﴿إذا﴾ بالألف، ﴿أدبر﴾ بالهمز، وكذا هو في مصحف عبد الله وأبيّ، وهو مناسب لقوله: ﴿إِذَا أَسْفَرَ﴾. ويقال: كأمس الدابر، وأمس المدبر بمعنى واحد. وقال يونس بن حبيب: ﴿دبر﴾: انقضى، وأدبر: تولّى.
٣٤ - ﴿وَالصُّبْحِ﴾؛ أي: الفجر أو أوّل النهار ﴿إِذَا﴾ ظرف لما يستقبل من الزمان. واتفقوا على ﴿إِذَا﴾ هاهنا نظرًا إلى تأخره عن الليل من وجه. ﴿أَسْفَرَ﴾؛ أي: أضاء، وانكشف، وظهر. وقرأ الجمهور (١) ﴿أَسْفَرَ﴾ رباعيًا. وقرأ ابن السميفع وعيسى بن الفضل ﴿سفر﴾ ثلاثيًّا، والمعنى: طرح الظلمة عن وجهه.
٣٥ - ﴿إِنَّهَا لَإِحْدَى الْكُبَرِ (٣٥)﴾ جواب للقسم. و ﴿الْكُبَرِ﴾ (٢): جمع الكبرى جعلت ألف التأنيث كتائه، وألحقت بها، فكما جمعت فعلة على فعل كركبة وركب جمعت فعلى عليها، وإلا ففعلى لا تجمع على فعل بل على فعالى كحبلى وحبالى.
والظاهر: أن الضمير عائد على سقر؛ أي: إن سقر لإحدى البلايا، أو لإحدى الدواهي الكبر الكثيرة، وهي؛ أي: سقر واحدة في العظم لا نظير لها كقولك: إنه أحد الرجال. هذا إذا كان منكرًا لـ ﴿سَقَرَ﴾، وإن كان منكرًا لعدة الخزنة فالمعنى: أنها من إحدى الحجج ﴿الْكُبَرِ﴾، ﴿نَذِيرًا﴾ من قدرة الله على قهر العصاة من لدن آدم عليه السلام إلى قيام الساعة من الجنّ والإنس، حيث استعمل على تعذيبهم هذا العدد القليل. وإن كان منكر الآيات فالمعنى: أنها لإحدى الآيات الكبر.
وقرأ الجمهور ﴿لَإِحْدَى﴾ بالهمزة، وهي منقلبة عن واو، أصله: لوحدى، وهو بدل لازم. وقرأ نصر بن عاصم، وابن محيصن، ووهب بن جرير عن ابن كثير بحذف الهمزة، وهو لا ينقاس، وتخفيف هذه الهمزة أن تجعل بين بين.
٣٦ - ﴿نَذِيرًا لِلْبَشَرِ (٣٦)﴾ حال من الضمير في ﴿إِنَّهَا﴾، قاله الزجاج. وروى عنه عن الكسائي، وأبي علي الفارسيّ: أنّه حال من قوله: ﴿قُمْ فَأَنْذِرْ (٢)﴾؛ أي: قم يا
(٢) روح البيان.