٦٩ سورة الحاقة (١ ٤)
سورة الحافة مكية وآياتها اثنتان وخمسون آية
﴿بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرحيم﴾
﴿الحاقة﴾ أي السَّاعةُ أو الحالةُ الثابتةُ الوقوعِ الواجبةُ المجىءِ لا محالةَ أو التي يحقُّ فيها الأمورُ الحقةُ من الحسابِ والثوابِ والعقابِ أو التي تُحقُّ فيها الأمورُ أي تُعرفُ على الحقيقةِ من حقَّهُ يحقه اذا عرف حقيقة جعل الفعل لها ومجازا وهو لِما فيها منَ الأمورِ أو لمَنْ فيها من أُولِي العلمِ وأيَّا ما كانَ فحذفُ الموصوفِ للإيذانَ بكمالِ ظهورِ اتصافهِ بهذِهِ الصفةِ وجريانِهَا مجرى الإسمِ وارتفاعُها على الابتداءِ خبرُها
﴿ما الحاقة﴾ الى أنَّ مَا مبتدأٌ ثانٍ والحاقَّةُ خبرُهُ والجملةُ خبرٌ للمبتدأ الأولِ والأصلُ ما هيَ أيْ أيُّ شيءٍ هي في حالِهَا وصفَتِهَا فإنَّ مَا قدْ يُطلب بها الصفةُ والحالُ فوضعُ الظاهرِ موضعَ المضمرِ تأكيداً لهولها هذا ما ذكرُوهُ في إعرابِ هذه الجملةِ ونظائرِهَا وقد سبقَ في سورةِ الواقعةِ أنَّ مُقتضَى التحقيقِ أنْ تكونَ ما الاستفهاميةُ خبراً لما بعدَهَا فإنَّ مناطَ الإفادةِ بيانُ أنَّ الحاقةَ أمرٌ بديعٌ وخَطْبٌ فظيعٌ كما يفيدُهُ كونُ مَا خبراً لا بيانُ أنَّ أمراً بديعاً الحاقةُ كما يفيدُهُ كونُها مبتدأً وكونُ الحاقَّةِ خبراً وقوله تعالى
﴿وَمَا أَدْرَاكَ﴾ أي وأيُّ شيءٍ أعلمكَ ﴿مَا الحاقة﴾ تأكيد لهولها وفظاعتها ببيان خروجها عن دائرة علوم المخلوقاتِ على مَعْنَى أنَّ عظمَ شأنِهَا ومَدَى هولِهَا وشدَّتِهَا بحيثُ لا تكادُ تبلغُهُ درايةُ أحدٍ ولا وهمُهُ وكيفَما قدرتَ حالَهَا فهيَ أعظمُ من ذلكَ وأعظمُ فلا يتسنَّى الإعلامُ وما في حيز الرفع على الابتداءِ وأدراكَ خبرُهُ ولا مساغَ هَهُنَا للعكسِ ومَا الحاقَّةُ جملةٌ من مبتدإٍ وخبرٍ على الوجهِ الذي عرفَتَهُ محلُّها النصبُ على إسقاطِ الخافضِ لأنَّ أدرى يتعدى إلى المفعول الثاني بالباء كما في قوله تعالى ولا أدراكم بِهِ فلمَّا وقعتْ جملةُ الاستفهامِ معلّقةً لهُ كانَتْ في موضعِ المفعولِ الثانِي والجملةُ الكبيرةُ معطوفةٌ على ما قبلها من الجملة الواقعةِ خبراً لقولِهِ تعالَى الحاقة مؤكدةٌ لهولِها كما مرَّ
﴿كَذَّبَتْ ثَمُودُ وَعَادٌ بالقارعة﴾ أيْ بالحالةِ التي تقرعُ النَّاسَ بفنونِ الأفزاعِ والأهوالِ والسماءَ بالانشقاقِ والانفطارِ والأرضَ والجبال بالدك


الصفحة التالية
Icon