المبحث الثامن عشر أسباب النزول كأصل من أصول التفسير
سبب النزول: هو ما نزل قرآن بشأنه وقت وقوعه كحادثة أو سؤال.
ومثال ما كان سببه حادثة: لما نزل قول الله تعالى: وأَنْذِرْ عَشِيرَتَك الْأَقْرَبِينَ (٢١٤) [الشعراء: ٢١٤] جمع رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بني هاشم، وقال: ألو أخبرتكم أن خيلا تغير عليكم من وراء هذا الوادي أكنتم مصدقي؟، قالوا: ما جربنا عليك كذبا، قال: فإني رسول الله إليكم بين يدي عذاب شديد، فقال عمه أبو لهب، تبا لك ألهذا جمعتنا، فأنزل الله تعالى تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ وتَبَّ [المسد: ١].
ومثال ما كان سبب وقوعه سؤالا: ما جاء أنه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مرّ بنفر من يهود فقالوا: لو سألتموه، فقالوا: حدثنا عن الروح؟، فوقف ساعة ورفع رأسه، فنزل عليه:
وَيَسْئَلُونَك عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وما أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا (٨٥) (١) [الإسراء: ٨٥].
ويحترز في أسباب النزول بأن تكون الأسباب وقت نزول القرآن لا قبله ولا بعده، فالآيات التي جاءت مخبرة بأخبار ماضية كحادثة الفيل، أو مستقبلة كغلبة الروم للفرس لا يصح أن يقال إن هذه الحوادث كانت سببا لنزول الآيات، ولهذا عاب السيوطي على الواحدي جعله قصة قدوم الحبشة لهدم البيت الحرام سببا في نزول سورة الفيل (٢).
طريق معرفة أسباب النزول:
اتفق العلماء على أن طريق معرفة أسباب النزول هي التوقيف أي النقل
(٢) انظر: الإتقان في علوم القرآن ١/ ٩٤.