سورة الفجر
مكية وهي تسع وعشرون آية وقيل ثلاثون آية ومائة وتسعون كلمة وخمسمائة وسبعة وتسعون حرفا.
بسم الله الرّحمن الرّحيم
[سورة الفجر (٨٩): الآيات ١ الى ٣]بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
وَالْفَجْرِ (١) وَلَيالٍ عَشْرٍ (٢) وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ (٣)قوله عزّ وجلّ: وَالْفَجْرِ أقسم الله عزّ وجلّ بالفجر وما بعده لشرفها وما فيها من الفوائد الدينية وهي أنها دلائل باهرة، وبراهين قاطعة، على التوحيد، وفيها من الفوائد الدنيوية أنها تبعث على الشكر.
واختلفوا في معاني هذه الألفاظ، فروي عن ابن عباس، أنه قال: الفجر هو انفجار الصبح في كل يوم، أقسم الله تعالى به لما يحصل فيه من انقضاء الليل، وظهور الضوء، وانتشار الناس، وسائر الحيوانات في طلب الأرزاق، وذلك يشبه نشر الموتى من قبورهم للبعث. وعن ابن عباس أيضا أنه صلاة الفجر، والمعنى أنه أقسم بصلاة الفجر لأنها مفتتح النهار، ولأنها مشهودة يشهدها ملائكة الليل، وملائكة النهار، وقيل إنه فجر معين.
واختلفوا فيه، فقيل هو فجر أول يوم من المحرم، لأن منه تنفجر السنة، وقيل هو فجر ذي الحجة، لأنه قرن به الليالي العشر، وقيل هو فجر يوم النحر، لأن فيه أكثر مناسك الحج، وفيه القربات. وَلَيالٍ عَشْرٍ قيل إنما نكرها لما فيها من الفضل، والشرف الذي لا يحصل في غيرها. روي عن ابن عباس أنها العشر الأول من ذي الحجة لأنها أيام الاشتغال بأعمال الحج، وأخرج الترمذي عن ابن عباس أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: «ما من أيام العمل فيهن أحب إلى الله من هذه الأيام العشر»، وذكر الحديث، وروي عن ابن عباس قال: هي العشر الأواخر من رمضان، لأن فيها ليلة القدر، ولأن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم كان إذا دخل العشر الأخير من رمضان أحيا ليله، وشد مئزره، وأيقظ أهله، يعني للعبادة وقيل هي العشر الأول من المحرم، وهو تنبيه على شرفه، ولأن فيه يوم عاشوراء. وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ قيل الشفع هو الخلق، والوتر هو الله تعالى يروى ذلك عن أبي سعيد الخدري، وقيل الشفع هو الخلق كالإيمان والكفر، والهدى، والضلالة، والسعادة، والشقاوة، والليل، والنهار، والأرض، والسماء، والشمس، والقمر، والبر، والبحر، والنور، والظلمة، والجن، والإنس. والوتر هو الله تعالى، وقيل الخلق كله فيه شفع وفيه وتر. وقيل هما الصلوات منها شفع ومنها وتر عن عمران بن حصين رضي الله عنه «أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم سئل عن الشفع والوتر قال: هي الصلاة بعضها شفع وبعضها وتر» أخرجه الترمذي. وقال: حديث غريب وعن ابن عباس قال: الشفع صلاة الغداة، والوتر صلاة المغرب، وعن عبد الله بن الزبير قال: الشفع النفر الأول، والوتر النفر الأخير، وروي أن رجلا سأله عن الشفع، والوتر، والليالي العشر فقال: أما الشفع والوتر فقول الله عزّ وجلّ: فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ فهما الشفع والوتر، وأما الليالي العشر فالثمان، وعرفة والنحر، وقيل الشفع الأيام، والليالي والوتر اليوم الذي لا ليلة معه، وهو يوم القيامة،