بَابُ شَهَادَةِ أَهْلِ الْكِتَابِ قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: " وَأَمَّا شَهَادَةُ أَهْلِ الذِّمَّةِ عَلَى وَصَايَا الْمُسْلِمِينَ فَإِنَّهَا فِي قَوْلِهِ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ﴾ [المائدة: ١٠٦] وَفِيهَا ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ: فَجُلُّ الْعُلَمَاءِ وَمُعْظَمُهُمْ مِنَ الْمَاضِينَ يَتَأَوَّلُونَهَا فِي أَهْلِ الذِّمَّةِ وَيَرَوْنَهَا مُحْكَمَةً، وَقَالَتْ طَائِفَةٌ أُخْرَى: هِيَ فِي أَهْلِ الذِّمَّةِ غَيْرَ أَنَّهَا قَدْ نُسِخَتْ، وَقَالَتْ طَائِفَةٌ ثَالِثَةٌ: هِيَ فِي أَهْلِ الْإِسْلَامِ جَمِيعًا وَلَا حَظَّ لِأَهْلِ الذِّمَّةِ فِيهَا "
أَخْبَرَنَا عَلِيٌّ قَالَ:
٢٨٨ - حَدَّثَنَا أَبُو عُبَيْدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ قَالَ: كَانَ تَمِيمٌ الدَّارِيُّ وَأَخُوهُ نَصْرَانِيَّيْنِ، وَهُمَا مِنْ لَخْمٍ وَكَانَ مَتْجَرُهُمَا إِلَى مَكَّةَ، فَلَمَّا هَاجَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ إِلَى الْمَدِينَةِ حَوَّلَا مَتْجَرَهُمَا إِلَى الْمَدِينَةِ، فَقَدِمَ ابْنُ أَبِي مَارِيَةَ مَوْلَى عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ الْمَدِينَةَ، وَهُوَ يُرِيدُ الشَّامَ تَاجِرًا، فَخَرَجُوا جَمِيعًا حَتَّى إِذَا كَانُوا بِبَعْضِ الطَّرِيقِ مَرِضَ ابْنُ أَبِي مَارِيَةَ، فَكَتَبَ وَصِيَّتَهُ بِيَدِهِ، ثُمَّ دَسَّهَا فِي مَتَاعِهِ وَأَوْصَى إِلَيْهِمَا، فَلَمَّا مَاتَ فَتَحَا مَتَاعَهُ، فَوَجَدُوا فِيهَا أَشْيَاءَ فَأَخَذَاهَا، فَلَمَّا قَدِمَا عَلَى أَهْلِهِ فَتَحُوا مَتَاعَهُ، فَوَجَدُوا وَصِيَّتَهُ وَقَدْ كَتَبَ فِيهَا عَهِدَهُ وَمَا خَرَجَ بِهِ، فَفَقَدُوا الْأَشْيَاءَ، فَسَأَلُوهُمَا؟ فَقَالَا: -[١٥٦]- هَذَا الَّذِي قَبَضْنَا لَهُ، فَرَفَعُوهُمَا إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ إِنْ أَنْتُمْ ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَأَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةُ الْمَوْتِ تَحْبِسُونَهُمَا مِنْ بَعْدِ الصَّلَاةِ فَيُقْسِمَانِ بِاللَّهِ إِنِ ارْتَبْتُمْ لَا نَشْتَرِي بِهِ ثَمَنًا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَلَا نَكْتُمُ شَهَادَةَ اللَّهِ إِنَّا إِذَنْ لَمِنَ الْآثِمِينَ﴾، فَأَمَرَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ أَنْ يَسْتَحْلِفُوهُمَا بِاللَّهِ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ: مَا قَبَضْنَا لَهُ غَيْرَ هَذَا، فَمَكَثْنَا مَا شَاءَ اللَّهُ، ثُمَّ ظُهِرَ عَلَى إِنَاءٍ مِنْ فِضَّةٍ مَنْقُوشٍ بِذَهَبٍ مَعَهُمَا، فَقَالُوا: هَذَا مِنْ مَتَاعِهِ، فَقَالَا: اشْتَرَيْنَاهُ مِنْهُ، فَارْتَفَعُوا إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ، فَنَزَلَتِ الْآيَةُ الْأُخْرَى قَوْلُهُ: ﴿فَإِنْ عُثِرَ عَلَى أَنَّهُمَا اسْتَحَقَّا إِثْمًا فَآخَرَانِ يَقُومَانِ مَقَامَهُمَا﴾ [المائدة: ١٠٧] " فَأَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ رَجُلَيْنِ مِنْ أَهْلِ الْمَيِّتِ أَنْ يَحْلِفَا عَلَى مَا كَتَمَا وَغَيَّبَا، فَاسْتَحْلَفَاهُمَا، ثُمَّ إِنَّ تَمِيمًا أَسْلَمَ وَبَايَعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ، فَكَانَ يَقُولُ: صَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَبَلَّغَ، إِنِّي لَأَنَا أَخَذْتُ الْإِنَاءَ "