سورة ق
قوله تعالى: (فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ (٢٢) وَقَالَ قَرِينُهُ هَذَا مَا لَدَيَّ عَتِيدٌ (٢٣) أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ) (ق: ٢٢ - ٢٤)، ثم قال بعد هذا: (الَّذِي جَعَلَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ فَأَلْقِيَاهُ فِي الْعَذَابِ الشَّدِيدِ * قَالَ قَرِينُهُ رَبَّنَا مَا أَطْغَيْتُهُ وَلَكِنْ كَانَ فِي ضَلَالٍ بَعِيدٍ) (ق: ٢٦ - ٢٧).
يسأل عن ثبوت واو العطف في قوله أولاً: (وَقَالَ قَرِينُهُ) ولم يثبت الواو في الآيةالثانية؟
والجواب عن ذلك: أن الآية معطوفة على ما قبلها من آيات هي إخبار عما يلقاه الإنسان المتقدم ذكره من الأهوال والشدائد في المواقف الأخراوية وما بين يديها، أولها قوله: (وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ) (ق: ١٩)، ثم قال: (وَنُفِخَ فِي الصُّورِ ذَلِكَ يَوْمُ الْوَعِيدِ * وَجَاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ) (ق: ٢٠ - ٢١)، ثم قال: (وَقَالَ قَرِينُهُ هَذَا مَا لَدَيَّ عَتِيدٌ) (ق: ٢٣)، فهذه إخبارات عن شدائد بعضها تلو بعض، فطابق ذلك ورود بعضها معطوفاً على بعض. وأما قوله: (قَالَ قَرِينُهُ رَبَّنَا مَا أَطْغَيْتُهُ) فهو إخبار مبتدأ مستأنف معرف بتبرّئ قرينه من جملة ما تأبطه واجترحه، ولا طريق لعطف ذلك على ما قبله، إنما هو استئناف إخبار، فورد كل من الآيتين على ما يجب ويناسب.
******


الصفحة التالية
Icon