سورة الطور
الآية الأولى منها: غ - قوله تعالى: (وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ غِلْمَانٌ لَهُمْ كَأَنَّهُمْ لُؤْلُؤٌ مَكْنُونٌ) (الطور: ٢٤)، وفي سورة الواقعة: (يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ (١٧) بِأَكْوَابٍ وَأَبَارِيقَ) (الواقعة: ١٧ - ١٨)، وفي سورة الإنسان: (وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ إِذَا رَأَيْتَهُمْ حَسِبْتَهُمْ لُؤْلُؤًا مَنْثُورًا) (الإنسان: ١٩)، فورد في سورة الطور: (غِلْمَانٌ لَهُمْ) وفي السورتين: (وِلْدَانٌ) والمراد في السور الثلاث الخدام. للسائل أن يسأل عن الموجب لتخصيص كل آية بما ورد فيها؟
والجواب، والله أعلم: يترتب على تمهيد، وهو أن الغلام هو الطار الشارب، وقيل باستصحابه هذا الاسم إلى أن يشيب، والجمع غلمان. وأما الوليد فاسم للمولود حين يولد، وهو فعيل وهي بنيه مبالغة، وفائدتها هنا استحكام الصغر، وجمعه ولدان، وعلى هذا لايرادف أحد الاسمين الآخر. فإن ورد أحدهما في موضع الآخر فعلى المجاز والتوسع، والأصل ما مهد. وإذا تقرر هذا فوجه ورود الغلمان في سورة الطور - والله أعلم - مناسبة اللفظ باتساع مواقعه في أحد القولين وهي استصحاب اسم الغلومية إلى المشيب، أو لاحتياج التوسع فيما يطوفون به ويستخدمون فيه بحسب أسنانهم لمن تقدم من صنفي المخدومين وهم الآباء والأبناء في قوله: (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ) (الطور: ٢١)، فذُكر هنا الآباء الداخلون الجنة مجازاة على أعمالهم، والأبناء من الذرية ممن لم يبلغ سن التكليف فدخل الجنة بغير عمل، فناسب الاتساع.
وأما آية الواقعة فلم يقع فيها ذكر الاتباع فناسب ذلك ذكر الولدان الذيم لا تحتمل أسنانهم خدمة الغلمان، فناسب الاقتصار الاقتصار والتوسع التوسع، ووضح أن العكس لا يناسب، والله أعلم.
ووصَفَ الولدان بقوله: (مُخَلَّدُونَ) إعلامماً بأنهم باقون على مقتضى سن الوليدية لا تتغير أحوالهم عن ذلك، وإلا فالخلود الأخراوي عام (الهم) ولغيرهم.
وجواب ثان: وهو أنه لما ذكرت الذرية في سورة الطور بما كان يوهم ذكرهم من حيث دخولهم الجنة بغير عمل أنهم فيها خدام لمن اتبعوه بين قوله تعالى: (وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ


الصفحة التالية
Icon