قَوْله تَعَالَى: ﴿مَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَلا الْمُشْركين﴾ أَي: وَلا من الْمُشْركين ﴿أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْكُمْ مِنْ خَيْرٍ مِنْ ربكُم﴾ يَعْنِي: الْوَحْي الَّذِي يَأْتِي رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يسرهم ذَلِك؛ حسدا لرَسُول الله وَلِلْمُؤْمنِينَ.
قَالَ مُحَمَّد: قَوْله: ﴿من خير من ربكُم﴾ دخلت ((من)) هَا هُنَا على جِهَة التوكيد وَالزِّيَادَة، كَمَا تَقُولُ: مَا جَاءَنِي من أحد، وَمَا جَاءَنِي أحد.
﴿وَاللَّهُ يَخْتَصُّ برحمته من يَشَاء﴾ قَالَ الْحسن: يَعْنِي: النُّبُوَّة. [آيَة ١٠٦ - ١٠٨]
قَوْله تَعَالَى: ﴿مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَة﴾ أَي: نبدل حكمهَا، وَنثْبت خطها: ﴿أَو ننسها﴾ قَالَ قَتَادَة: يَعْنِي: ننسها رَسُوله؛ وَقد نسي رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْض مَا كَانَ نزل من الْقُرْآن، فَلم يُثْبت فِي الْقُرْآن.
قَالَ يَحْيَى: وتقرأ ﴿أَوْ نَنْسَأْهَا﴾ مَهْمُوزَة؛ أَي: نؤخرها؛ فَلم تثبت فِي الْقُرْآن ﴿نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا﴾ يَقُولُ: هَذِه الْآيَة الناسخة خير فِي زَمَاننَا هَذَا لأَهْلهَا، وَتلك الأولى المنسوخة خير لأَهْلهَا فِي ذَلِكَ الزَّمَان، وَهِي مثلهَا بعد