قَالَ مُحَمَّد: قَوْله: ﴿فَأَثَابَكُمْ غَمًّا بغم﴾ أَي: جازاكم غما مُتَّصِلا بغم. وَقَوله: ﴿إِذْ تصعدون﴾ تقْرَأ: ﴿تصعدون﴾ و ﴿تَصْعَدُونَ﴾، فَمن قَرَأَ بِضَم التَّاء فَالْمَعْنى: تبعدون فِي الْهَزِيمَة، يُقَال: أصعد فِي الأَرْض؛ إِذا أمعن فِي الذّهاب، وَصعد الْجَبَل والسطح. ﴿لِكَيْ لَا تَحْزَنُوا عَلَى مَا فَاتَكُمْ﴾ من الْغَنِيمَة ﴿وَلا مَا أَصَابَكُم﴾ فِي أَنفسكُم من الْقَتْل والجراحات.
قَالَ مُحَمَّد: قيل: أَي: ليَكُون غمكم؛ بأنكم خالفتم النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام فَقَط.
﴿ثُمَّ أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ بَعْدِ الْغَمِّ أَمَنَةً نُعَاسًا يَغْشَى طَائِفَةً مِنْكُمْ وَطَائِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ﴾ تَفْسِير قَتَادَة: كَانُوا يَوْمئِذٍ فريقين: فَأَما الْمُؤْمِنُونَ: فغشاهم الله النعاس أَمَنَة مِنْهُ وَرَحْمَة، والطائفة الْأُخْرَى: المُنَافِقُونَ لَيْسَ لَهُم هَمٌّ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ ﴿يَظُنُّونَ بِاللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ يَقُولُونَ هَلْ لَنَا من الْأَمر من شَيْء﴾ قَالَ الْكَلْبِيّ: (هم المُنَافِقُونَ) قَالُوا لعبد الله بن أبي بن سلول: قتل بَنو الْخَزْرَج! فَقَالَ: وَهل لَنَا مِنَ الأَمْرِ مِنْ شَيْءٍ؟ قَالَ الله: ﴿قُلْ إِنَّ الأَمْرَ﴾ يَعْنِي: النَّصْر ﴿كُلَّهُ لِلَّهِ يُخْفُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ مَا لَا يُبْدُونَ لَكَ يَقُولُونَ لَوْ كَانَ لَنَا مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ مَا قُتِلْنَا هَا هُنَا﴾ قَالَ الْكَلْبِيّ: كَانَ مَا أخفوا فِي أنفسهم أَن قَالُوا: لَو كُنَّا على شَيْء من الْأَمر - أَي: من الْحق - مَا قتلنَا هَا هُنَا، وَلَو كُنَّا فِي بُيُوتنَا مَا أَصَابَنَا الْقَتْل. قَالَ الله للنَّبِي: (قُلْ لَوْ كُنْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الَّذِينَ